الملائكة) وروى عن أمير المؤمنين عليه السلام وابن عباس وقتادة أن الله أخذ ميثاق على الأنبياء قبل نبينا " صلى الله عليه وآله وسلم "، أن يخبروا أممهم بمبعثه ونعته، ويبشرهم به، ويأمرهم بتصديقه. وقال طاووس: أخذ الله الميثاق على الأنبياء " عليهم السلام على الأول والآخر، فأخذ الله ميثاق الأول لتؤمنن بما جاء به الآخر. وقال الصادق: تقديره وإذ أخذ الله ميثاق أمم النبيين، بتصديق نبيها، والعمل بما جاءهم به ، وأنهم خالفوهم فيما بعد، وما وفوا به، وتركوا كثيرا من شريعته، وحرفوا كثيرا منها.
وقوله: (لما آتيتكم) بفتح اللام إذا كانت (ما) موصولة فتقديره للذي آتيتكموه أي: أعطيتكموه (من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول) أي: نبي. وقيل: يعني محمد " صلى الله عليه وآله وسلم " (مصدق لما معكم) أي: لما آتيتكم من الكتب. (لتؤمنن به) أي:
لتؤمنن بالرسول ولتنصره، أو يريد: لتؤمنن بالذي آتيتكموه، ولتنصرن الرسول.
وعلى هذا يكون المعنى أنه إنما أخذ الميثاق على الأنبياء، ليصدق بعضهم بعضا، ويأمر بعضهم بالإيمان ببعض، ويكون النصرة بالتصديق والحجة، وهو المروي عن الحسن وسعيد بن جبير وطاووس.
وإذا كانت (ما) للجزاء فتقديره: أي شئ آتيتكم، ومهما آتيتكم من كتاب، لتؤمنن. فالشرط: ايتاؤه إياهم الكتاب والحمة، ومجئ الرسول. والجزاء:
القسم والمقسم عليه، وهو قوله (لتؤمنن به) فأغنى جواب القسم عن الجزاء، كقوله: (لئن أشركت ليحبطن عملك). وقوله (من كتاب) (من) هذه لتبيين لما نحو قولك: ما عندك من ورق وعين، وهذا خاتم من فضة. ويكون على هذا تقديره: إن الله تعالى قال لهم: مهما أوتيتم كتابا وحكمة، ثم يجيئكم به رسول مصدق لما معكم من ذلك الكتاب والحكمة، والله لتؤمنن به، ولتنصرنه. فأقروا بذلك، وأعطوا عليه مواثيقهم. وهذا أشبه بما ذكر أن الميثاق أخذ على الأنبياء ليأخذوا على أممهم بتصديق محمد إذا بعث، ويأمروهم بنصرته على أعدائه، إن أدركوه، وهو المروي عن علي وابن عباس وقتادة والسدي واختار أبوا علي الجبائي، وأبوا مسلم، ويكون معنى قوله: (جاءكم) جاء أممكم وأتباعكم. وإنما خرج الكلام على النبيين لأن ما لزمهم لزم أممهم. ومن قرأ (لما آتيتكم) بكسر اللام.
فالمعنى أخذ الله ميثاقهم لما أتوه أي: لأجل ما أوتوه من الكتاب والحكمة، ولأنهم الأفاضل، وخيار الناس. ويكون اللام للتعليل، فيقضي أن يكون الإيتاء سابقا لأخذ