الله يقاتل من قاتله، ويكف عمن كف عنه، حتى نزلت (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) فنسخت هذه الآية.
المعنى: ثم بين سبحانه أمر الجهاد، فقال مخاطبا للمؤمنين: (وقاتلوا) أي:
الكفار (في سبيل الله) أي: دين الله، وهو الطريق الذي بينه للعباد ليسلكوه على ما أمرهم به ودعاهم إليه (الذين يقاتلونكم) قيل: أمروا بقتال المقاتلين دون النساء.
وقيل: إنهم أمروا بقتال أهل مكة، والأولى حمل الآية على العموم، إلا من أخرجه الدليل. (ولا تعتدوا) أي: ولا تجاوزوا من قتال من هو من أهل القتال، إلى قتال من لم تؤمروا بقتاله. وقيل: معناه لا تعتدوا بقتال من لم يبدأكم بقتال.
(إن الله لا يحب المعتدين) ظاهره يقتضي أن يسخط عليهم، لأنه على جهة الذم لهم، وقد ذكرنا معنى المحبة لهم فيما مضى. واختلف في الآية هل هي منسوخة أم لا؟ فقال بعضهم: منسوخة على ما ذكرناه. وروي عن ابن عباس ومجاهد أنها غير منسوخة بل هي خاصة في النساء والذراري. وقيل: أمر بقتال أهل مكة. وروي عن أئمتنا " عليهم السلام " أن هذه الآية ناسخة لقوله: (كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة) وكذلك قوله: (واقتلوهم حيث ثقفتموهم) ناسخ لقوله: (ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم).
(واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين [191]).
القراءة: قرأ حمزة والكسائي: ولا تقتلوهم حتى يقتلوكم، فإن قتلوكم كل بغير ألف. والباقون بألف في جميع ذلك.
الحجة: من قرأها بغير ألف فإنما اتبع المصحف لأنه كتب في المصاحف بغير الألف. ومن قرأ بالألف، فقال: إنما تحذف الألف في الخط كما في الرحمن.
اللغة: ثقفته أثقفه ثقفا وثقافة أي: وجدته، ومنه قولهم رجل ثقف لقف أي:
يجد ما يطلبه. وثقف الرجل ثقافة فهو ثقف، وثقف ثقفا بالتحريك فهو ثقف: إذا كان سريع التعلم. والثقاف: حديدة يقوم بها الرماح المعوجة. والتثقيف: التقويم.
والفتنة: أصلها الاختبار ثم ينصرف إلى معان منها: الابتلاء نحو قوله (فتناك فتونا)