والباقون بالإظهار. وقرأ أهل العراق، غير أبي عمرو وعاصم: لم يتسن، واقتد (1) بحذف الهاء وصلا. والباقون بإثبات الهاء في الوصل. ولم يختلفوا في إثباتها في الوقف. وقرأ أهل الحجاز والبصرة: (ننشرها) بضم النون الأولى وبالراء. وقرأ أهل الكوفة والشام: (ننشزها) بالزاي. وروى أبان عن عاصم: (ننشرها) بفتح النون وضم الشين وبالراء. وقرأ حمزة والكسائي: (قال اعلم) موصولة الألف ساكنة الميم. والباقون: (أعلم) مقطوعة الألف، مرفوعة الميم.
الحجة: قال أبو علي: من أدغم (لبت) أجرى التاء والثاء مجرى المثلين، من حيث اتفق الحرفان في أنهما من طرف اللسان، وأصول الثنايا، واتفقا في الهمس. ومن بين ولم يدغم، فلتباين المخرجين، لأن الطاء والدال والتاء من حيز، والظاء والذال والثاء من حيز. ومن قرأ (لم يتسنه) بالهاء في الوصل، فيحتمل أمرين أحدهما: أن يكون الهاء لاما من السنة، فيمن قال شجرة سنهاء، فيكون سكون الهاء للجزم والآخر: أن يكون من السنة أيضا، فيمن قال أسنتوا وسنوات، أو يكون من المسنون الذي يراد به المتغير، كأنه لم يتسن. ثم قلب على حد القلب في لم يتظن. وحكي أن أبا عمرو الشيباني إلى هذا كان يذهب في هذا الحرف. فالهاء في (يستنه) على هذين القولين، يكون للوقف. فينبغي أن يلحق في الوقف، ويسقط في الدرج. وأما قوله (اقتده) فيجوز أن يكون الهاء كناية عن المصدر، ولا يكون التي للوقف. ولكن لما ذكر الفعل، دل على مصدره، فأضمره كما أضمر في قوله:
(ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم). وقال الشاعر:
غدا سراقة للقرآن يدرسه، * والمرء عند الرشى إن يلقها ذئب (2) فالهاء في يدرسه للمصدر، لا يجوز أن يكون للمفعول، لأن الفعل قد تعدى إلى المفعول باللام، فلا يجوز أن يتعدى إليه مرة ثانية. وكذلك قوله:
(فبهديهم اقتده) يكون اقتد الاقتداء، فيضمر لدلالة الفعل عليه. ومن قرأ (كيف ننشرها): فمعناه كيف نحييها، يقال: أنشر الله الميت فنشر. وقد رصفت العظام بالإحياء قال تعالى (من يحيي العظ م وهي رميم، قل يحييها الذي أنشأها أول مرة)، وكذلك في قوله (ننشرها). ومن قرأ (ننشزها) بالزاي: فالنشز الارتفاع.