انظر كيف يحييها الله. وإنما قال له ذلك، ليستدل بذلك على طول مماته (ولنجعلك آية للناس) فعلنا ذلك. وقيل: معناه فعلنا ذلك إجابة لك إلى ما أردت. وقوله:
(ولنجعلك آية للناس) أي: حجة للناس في البعث (وانظر إلى العظام كيف ننشرها) كيف نحييها وبالزاي كيف نرفعها من الأرض، فنردها إلى أماكنها من الجسد، وتركب بعضها على بعض. (ثم نكسوها) أي: نلبسها (لحما).
واختلف فيه فقيل: أراد عظام حماره، عن السدي وغيره، فعلى هذا يكون تقديره:
وانظر إلى عظام حمارك. وقيل: أراد عظامه، عن الضحاك وقتادة والربيع قالوا: أول ما أحيى الله منه عينه، وهو مثل غرقئ البيض (1)، فجعل ينظر إلى العظام البالية المتفرقة تجتمع إليه، وإلى اللحم الذي قد أكلته السباع الذي يأتلف إلى العظام من هاهنا، ومن هاهنا، ويلتزم ويلتزق بها حتى قام، وقام حماره.
(فلما تبين له) أي: ظهر وعلم. وإنما علم أنه مات مائة سنة بشيئين أحدهما: بإخبار من أراه الآية المعجزة في نفسه وحماره وطعامه وشرابه، وتقطع أوصاله، ثم اتصال بعضها إلى بعض، حتى رجع إلى حالته التي كان عليها في أول أمره. والآخر: إنه علم ذلك بالآثار الدالة على ذلك لما رجع إلى وطنه، فرأى ولد ولده شيوخا، وقد كان خلف آباءهم شبابا، إلى غير ذلك من الأمور التي تغيرت، والأحوال التي تقلبت.
وروي عن علي " عليه السلام " أن عزيرا خرج من أهله وامرأته حامل وله خمسون سنة، فأماته الله مئة سنة، ثم بعثه، فرجع إلى أهله ابن خمسين سنة، وله ابن له مائة سنة، فكان ابنه أكبر منه، فذلك من آيات الله. وقيل: إنه رجع وقد أحرق بختنصر التوراة، فأملاها من ظهر قلبه. فقال رجل منهم: حدثني أبي عن جدي أنه دفن التوراة في كرم، فإن أريتموني كرم جدي، أخرجتها لكم. فأروه فأخرجها فعارضوا ذلك بما أملى، فما اختلفنا في حرف. فقالوا: ما جعل الله التوراة في قلبه، إلا وهو ابنه. فقالوا: عزير ابن الله.
(قال) أي: قال المار على القرية (أعلم) أي: أتيقن. ومن قرأ (إعلم) فمعناه على ما تقدم ذكره من أنه يخاطب نفسه. وقيل: إنه أمر من الله تعالى له (أن الله على كل شئ قدير) أي: لم أقل ما قلت عن شك وارتياب. ويحتمل أنه إنما