المعنى: (أو كالذي مر) أي: أو هل رأيت كالذي مر، ومعناه: إن شئت فانظر في قصة الذي حاج إبراهيم، وإن شئت فانظر إلى قصة الذي مر (على قرية) وهو عزير، عن قتادة وعكرمة والسدي، وهو المروي عن أبي عبد الله. وقيل: هو أرميا، عن وهب، وهو المروي عن أبي جعفر. وقيل: هو الخضر عن ابن إسحاق. والقرية التي مر عليها: هي بيت المقدس لما خربه بخت نصر، عن وهب وقتادة والربيع وعكرمة. وقيل: هي الأرض المقدسة، عن الضحاك. وقيل: هي القرية التي خرج منها الألوف حذر الموت، عن ابن زيد (وهي خاوية على عروشها) أي: خالية. وقيل: خراب، عن ابن عباس والربيع والضحاك. وقيل: ساقطة على أبنيتها وسقوفها، كأن السقوف سقطت ووقعت البنيان عليها. (قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها) أي: كيف يعمر الله هذه القرية بعد خرابها. وقيل: كيف يحيي الله أهلها بعدما ماتوا؟ وأطلق لفظ القرية، وأراد به أهلها كقوله: (واسئل القرية)، ولم يقل ذلك إنكارا، ولا تعجبا، ولا ارتيابا، ولكنه أحب أن يريه الله إحياءها مشاهدة، كما يقول الواحد منا: كيف يكون حال الناس يوم القيامة؟ وكيف يكون حال أهل الجنة في الجنة؟ وكيف يكون حال أهل النار في النار؟ وكقول إبراهيم: (رب أرني كيف تحيي الموتى) أحب أن يريه الله إحياء الموتى مشاهدة ليحصل له العلم به ضرورة، كما حصل العلم دلالة، لأن العلم الاستدلالي ربما اعتورته الشبهة.
(فأماته الله مائة عام) أي: مائة سنة (ثم بعثه) أي: أحياه كما كان (قال كم لبثت) في التفسير إنه سمع نداء من السماء: كم لبثت؟ يعني في مبيتك ومنامك.
وقيل: إن القائل له نبي. وقيل: ملك. وقيل: بعض المعمرين ممن شاهده عند موته وإحيائه (قال لبثت يوما أو بعض يوم) لأن الله أماته في أول النهار، وأحياه بعد مائة سنة في آخر النهار، فقال: يوما، ثم التفت فرأى بقية من الشمس، فقال: أو بعض يوم. ف (قال بل لبثت مائة عام) معناه بل مكثت في مكانك مائة سنة (فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه) أي: لم تغيره السنون. وإنما قال: (لم يتسنه) على الواحد، لأنه أراد به جنس الطعام والشراب، أي أنظر إلى ما تركته إنه لم يتسنه. وقيل: أراد به الشراب لأنه أقرب المذكورين إليه. وقيل: كان زاده عصيرا وتينا وعنبا، وهذه الثلاثة أسرع الأشياء تغيرا وفسادا، فوجد العصير حلوا، والتين والعنب كما جنيا لم يتغيرا.
(وانظر إلى حمارك) معناه: انظر إليه كيف تفرق أجزاؤه، وتبدد عظامه، ثم