إلى التواضع منه إلى التكبر أو من موضعه المرتب فيه عادة وإذا دخل على قوم فحيث يجد متسعا ولا يفرق بين اثنين متلاصقين ولا سيما إذا كانا متحادثين ولا يقيم أحدا ليجلس مكانه فالسابق أولى ويحيي بالسلام وغيره من يقربه في النادي ولو كان غريبا ويسأله عن اسمه وكنيته وإلا فإنها معرفة حمق وهو من العجز وفي رواية من الجفاء ولا يمد الرجل في المحاضر لا سيما إلى الكبراء ويلازم الوقار من دون تكبر وتزمت والتواضع المحمود ويجتنب كل مستهجن مثل الجلوس على القدمين منتصب الساقين وعلى الركبة مرفوع الأليين ولما يستو قائما وبكل منهما فسر الاستيفاز المنهي عنه وكلتاهما جلسة الواقر أي العجول واكثار النظر في الجلوس والمشي إلى الكاهل وهو مقدم الظهر وإلى العقب وهو مؤخر القدم وكذا الالتفات إلى الأطراف والعبث باللحية والشارب والعصي و الخاتم والأصابع وتشبيكها وفرقعتها وتخليل الأسنان وإزالة القلح عنها وادخال الإصبع في الأنف والفم واخراج البزاق والنخامة والتثاؤب على الوجوه بل يتحول بشقه أو يتستر كما سبق والجشاء كغراب وهو تنفس المعدة والإشارة باليد والعين والإصبع والرأس والحاجب وغيرها حين التكلم وغيره ونحوهما مما يكرهه الناس فإنها توجب النفرة والاستثقال وقد ورد النهي عن بعضها بالخصوص في النصوص والظاهر أنها للارشاد وإن حملها بعضهم على الكراهة ويستغفر الله عند القيام من المجلس ويقرء الآيات سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين فورد أنه كفارة المجلس ولا يقعد في السوق بلا حاجة فورد أنه مقعد الشيطان ولا في الطريق ولا سيما المسلوك ولا سيما الضيق ولا سيما في وسطه ويؤدي الحقوق إن حبس فيهما وهي غض البصر ونصرة المظلوم والضعيف وارشاد الضال واعطاء السائل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورد السلام والتنكب عن المارة ويتفاءل بالخير إذا عرض سببه فيفرح به ويرجو فضل ربه ولا يتطير بالشر بل يتوكل على الله ويمضي على قصده بصدقة ويتعفف عن طلب الحاجة إلى المخلوقين ما أمكن بل يتوقف في الجملة عن الدعاء والطلب إلى الله سبحانه فإن المبادرة إليه بأدنى سبب مما لا يخلو عن ضرب من إساءة الأدب واعتبر ذلك بحال العبد المطيع مع مولاه الشفيق وحقه أن يتوضأ ويصلي ركعتين يتم ركوعهما وسجودهما أي يطيلهما ثم يجلس ويثني على الله عز وجل ويصلي على رسول الله صلى الله عليه وآله وفي بعض الأخبار ويمد يديه إلى السماء ويرفعها إلى الله عز وجل وفي بعضها توظيف الهيئة والقراءة والزمان والمكان وتقديم الغسل والصدقة و الصوم وروي أربع ركعات وينبغي لطالب الحاجة أن يبكر به ففيه البركة ولا سيما يومي السبت والخميس ويقصد الأتقياء والأكارم والسمحاء وهم الذين يسهل تناولهم فيعم سابقه من وجه وحسان الوجوه والرحماء ولا ترتيب لعدم اجتماعهم ذكرا في رواية واحدة ومع التعدد يخص به الأتقى والأكرم والأسمح والأحسن والأرحم ويتخير مع التساوي أو يستخير ولا يرتكب معصية فإنه لا ينال ما عند الله إلا بطاعته كما سلف وإذا ورد عليه ما لا قبل له به فلا يستبد برأيه ويخاطر بنفسه بل يشاور العاقل العالم بالأمر المستشار فيه الصالح فعن أبي عبد الله استشر العاقل من الرجال الورع فإنه لا يأمر إلا بخير وعنه (ع) أن المشورة لا تكون إلا بحدودها فمن عرفها بحدودها وإلا كانت مضرتها على المستشير أكثر من منفعتها له فأولها أن يكون الذي يشاوره عاقلا والثانية أن يكون حرا متدينا والثالثة أن يكون صديقا مواخيا والرابعة أن تطلعه على سرك فيكون علمه به كعلمك نفسك ثم يسر ذلك ويكتمه فإنه إذا كان عاقلا انتفعت بمشورته وإذا كان حرا متدينا أجهد نفسه في النصيحة لك وإذا كان صديقا مواخيا كتم سرك إذا أطلعته عليه وإذا أطلعته على سرك فكان علمه به كعلمك تمت المشورة وكملت النصيحة ومع التعدد يختار الملايم ذلك الأمر كالسخي فيما يتعلق بالمال دون البخيل فإنه يبخل ولو كان عاقلا صالحا فإن الإناء يترشح بما فيه والشجاع فيما يتعلق بالحرب دون الجبان فإنه يجبن بل ورد النهي عن مشاورتهما مطلقا ففي النبوي لا تشاورن جبانا فإنه يضيق عليك المخرج ولا تشاورن بخيلا فإنه يقصر بك عن غايتك وفي المشاورة خير كثير من تأليف القلوب واستخراج ما في الصدور ورزانة العقل بانضمامه إلى أمثاله فيكون أحرى بالاهتداء إلى الصواب ومن ثم مدح الله بها الصحابة فورد في ذلك قوله سبحانه وأمرهم شورى بينهم وأمر بها نبيه صلى الله عليه وآله وشاورهم في الأمر وفي النبوي الحزم مشاورة ذوي الرأي واتباعهم وفيه لا مظاهرة أوثق من المشاورة ثم يشاور امرأته ويخالف رأيها فهو من السنة وورد عن أمير المؤمنين (ع) أن فيه البركة ويقدم الاستخارة بالصلاة ودعاء الصحيفة ونحوهما ثم يستشير ليجري الله خيرته على لسان المشير وأما الاستخارة بالرقاع وعد الجلالات وأول ما يقع عليه النظر من المصحف فلا مجال للاستشارة بعدها وإذا اعترضه أمران من أمور دنياه يختار أهون الأمرين وهو أكثرهما مهانة وأيسرهما وهو أسهلهما تناولا فبينهما عموم من وجه فإن كان من أمر دينه اختار اتبلهما وأشدهما عليه كما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يحب المال أكثر من العرض بل يعكس فإنه من خير الفعال كما سلف ولا يبذل الدين بالدنيا فيحرمهما جميعا كما هو الغالب وفي المشهور شر الناس من باع آخرته بدنياه ولا يركب بقرة ولا يحرث على حمار فكل منهما خلق لعمل بصيغة الفعل خبر المبتدأ والظرف لغوا والمصدر مضاف إليه والظرف مستقر وقد وصف الله البقرة بقوله تثير الأرض وقال في الحمير لتركبوها وزينة فاستعمال أحدهما في عمل الآخر من غير ضرورة خروج عن الحكمة ووضع للشئ في غير موضعه ولا يبعد اندراجه في تغيير خلق الله المذكور في قول إبليس ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ويركب ما أصاب قصرا للقصد على تخفيف طلب المشي بالأقدام دون البطر والنبل
(٣٣٧)