التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٣٣٩
من محل الفتنة والهرج إلى محل النظام ومن محل القحط إلى محل الرخص ولا حرج فيهما فقد كان من عادة السلف مفارقة الوطن خيفة الفتن وعن بعضهم إذا بلغك أن قرية فيها رخص فاقصدها فإنه أسلم لدينك وأقل لهمك وفي التنزيل ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة بل ربما يجب الفرار في بعض المواضع ويستحب في بعض بحسب وجوب ما يترتب عليه من الجدوى واستحبابه وكذا عن سائر الأحوال المبغوضة كالخوف والكساد والمهانة ونحوها إلا عن الطاعون فإنه منهي عنه بخصوصه في روايات أسامة بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن هذا الوجع أو السقم رجز عذب به بعض الأمم قبلكم ثم بقي بعد في الأرض فيذهب المرة ويأتي الأخرى فمن سمع به في أرض فلا يقدمن عليه ومن وقع بأرض وهو بها فلا يخرجنه الفرار منه وفي رواية عايشة قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن من فناء أمتي بالطعن والطاعون فقلت هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون قال غدة كغدة البعير تأخذهم في مراقهم المسلم الميت فيه شهيد و المقيم عليه المحتسب كالمرابط في سبيل الله والفار منه كالفار من الزحف وعن أم أيمن قالت في وصية رسول الله صلى الله عليه وآله لبعض أهل بيته إن أصاب الناس موتان وأنت فيهم فأثبت فيهم والمصنف اقتفى في التعويل على هذه الروايات أثر أبي حامد إلا أنه مصرح بالكراهة وتخطى بعض أصحابنا إلى التحريم وزاد بعضهم فامتنع عن الصلاة على الميت الفار منه وهو افراط بإزاء تفريط من أوجب الفرار والعدل في ذلك العمل بما رواه الصدوق في معاني الأخبار في الصحيح عن أبان الأحمر قال سأل بعض أصحابنا أبا الحسن (ع) عن الطاعون يقع في بلدة وأنا فيها أتحول عنها قال نعم قال ففي القرية وأنا فيها أتحول عنها قال نعم قال ففي الدار وأنا فيها أتحول عنها قال نعم قلت فإنا نتحدث أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال الفرار من الطاعون كالفرار من الزحف قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله إنما قال هذا في قوم كانوا يكونون في الثغور في نحو العدو فيقع الطاعون فيخلون أماكنهم ويفرون منها فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك فيهم وفي العلل في الحسن عن علي بن المغيرة قال قلت لأبي عبد الله (ع) القوم يكونون في البلد يقع فيها الموت ألهم أن يتحولوا عنها إلى غيرها قال نعم قلت بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله عاب قوما بذلك فقال إن أولئك كانوا ربيئة بإزاء العدو فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله أن يثبتوا في موضعهم ولا يتحولوا منه إلى غيره فلما وقع فيهم الموت تحولوا من ذلك المكان إلى غيره فكان تحويلهم من ذلك المكان إلى غيره كالفرار من الزحف وما رواه ثقة الاسلام في الصحيح أو الحسن عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الوباء يكون في ناحية المصر فيتحول الرجل إلى ناحية أخرى أو يكون في مصر فيخرج منه إلى غيره فقال لا بأس إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذلك لمكان ربيئة كانت بحيال العدو فوقعت فيهم الوباء فهربوا منه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله الفار منه كالفار من الزحف كراهية أن تخلو مراكزهم وروى علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن الوباء يقع في الأرض هل يصلح للرجل أن يهرب منه قال يهرب منه ما لم يقع في مسجده الذي فيه فإذا وقع في أهل مسجده الذي يصلي فيه فلا يصلح الهرب منه وكأنه الذي رواه الصدوق بعد حديث الأحمر مرسلا ومن العجب قول الموجب إن هذه الأخبار تضمنت الأمر بالفرار من الطاعون والأمر للوجوب عند المحققين على أن القرائن ظاهرة في الدلالة عليه إن لم نقل بدلالة الأمر عليه وأما الندب فلا كلام في الدلالة عليه انتهى فإنها خالية عن لفظ الأمر ومعناه صريحا وفحوى بل لو كانت مشتملة على أمر لكان ظاهره الإباحة دون الوجوب والندب ثم استدل بقوله (تع) ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وفحوى قوله صلى الله عليه وآله فر من المجزوم فرارك من الأسد ولا يورد ممرض على مصح وفيها من القصور ما لا يخفى وأما القدوم عليه فلا يبعد تحريمه للنهي عنه في حديث أسامة لو صح والآية لو شملته ويأتي والطلب كطلب المال للتوسع والرفاهية وحسن الحال مباحا كان أو مكروها وقد اختلفت الأنظار في ترجيح الراجح من السفر والإقامة اختلافها في أمر العزلة والخلطة والقول القول فإن السفر ضرب من الخلطة مع زيادة تعب يفرق الهم ويشتت القلب في حق الأكثرين والراجح هو الأصلح بحال الشخص الأعون له على دينه بحسب ما يفرض فيه من الجدوى والآفة والمعين غالبا في البداية السفر للتعلم فإنه فيه أسهل وأكثر من بلغنا أحوالهم من كبراء الدين من صدر الاسلام إلى عصرنا هذا فإنما قضوا أيام شبابهم في الأسفار وظفروا بما ظفروا في الغربة إذ كانت قلوبهم خالية متمحضة للتحصيل ومنهم المصنف طاب ثراه فإنه سافر من بلده إلى السيد ماجد الصادقي بشيراز واشتغل عليه ثم على المولى صدر الدين الشيرازي بجميع الفنون العقلية والنقلية العلمية والعملية ولم يرجع إلى وطنه إلا بعد أن برز وفاق وطار ذكره في الآفاق وحدثني والدي عن جدي وكان خصيصا به جدا أنه لما استأذن والده في السفر توقف أولا في إذنه لحداثة سنه إذ ذاك ثم استخار بالقرآن فجاءت الآية فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ثم بالديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين (ع) فجاءت الأبيات تغرب عن الأوطان في طلب العلى وسافر ففي الأسفار خمس فوائد تفرج هم واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ماجد ولقد حاز الفوائد الخمس بأسرها فالجة بها قداحه فائضة أقداحه وفي النهاية الإقامة للعمل فإنه لا يتأتى في السفر غالبا ففيه شواغل من انصراف الهم والفكر والنظر والشوق إلى المألوفات المفارقة وحفظ النفس والمتاع المستصحب عن الأخطار المشارفة في السفر و احتمال الشدايد بالبدن والهموم بالقلب في الحل والرحال والسير والسهر وتعسر الأمور ومقاساة
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360