المحركة إلى الغنى ويسبح ما دام عاملا فإن الاشتغال بالعمل يقطعه عن نظم القرآن والدعاء والتسبيح من أفضل الأذكار المفصولة ويدعو ما دام خاليا بالمأثور أو غيره وإلا الغرض الاستغراق بالذكر وورد الرخصة بغيره ففي النبوي زاد المسافر الحداء والشعر ما كان منه ليس فيه خناء أي فحش وفي بعض النسخ حنان أي طرب ويرفق بالسير في الأرض الخصبة ويعجل في المجدبة ويكثر السير في الليل وهو الدلجة بالفتح والذم كما في النهاية فورد في النبوي عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار وسئل أبو جعفر (ع) يقول الناس تطوى لنا الأرض بالليل كيف تطوى قال هكذا ثم عطف ثوبه ووردت الأخبار مستفيضة في الحث على السير آخر الليل والتحذير عنه أقله وأن الشيطان يبث عفاريته بعد العشاء يضلون الناس وهذا مما جربنا كثيرا وفي نهج البلاغة لا تسر في أول الليل فإن الله جعله سكنا وقدره مقاما لا ظعنا فأرح فيه بذلك وروح ظهرك فإذا وقفت حين يشطح السحر أو ينفجر الفجر فسر على بركة الله بل لا يبعد تخصيص الدلجة بآخر الليل كما في رواية الكليني إياك والسير في أول الليل وعليك بالتعريس والدلجة من لدن نصف الليل إلى آخره ومما ينسب ينسب إلى أمير المؤمنين (ع) - اصبر على السير والادلاج في السحر - فما في القاموس من أنه السير أول الليل كأنه اشتباه ويسير البردين كما في حديث أمير المؤمنين (ع) ولا ينزل بكرة ما لم يصر اليوم حارا فهو من السنة ويؤمر أحدا من الرفقة يكون إليه المرجع لالتزام الرأي في تعيين الطرق والمنازل وتدبير مصالح السفر إذ لا تظام في كثرة الآراء وليكن الأمير أحسنهم خلقا ومواساة وأوسعهم صدرا وأرفقهم بالأصحاب وأحفظهم للوفاء وورد في النبوي إذا كنتم ثلاثة فأمروا أحدكم وله عليهم حق الوالي على الرعية وهو مسؤول عنهم يوم القيامة وليحذر كل الحذر عن تعدد الأمراء فإن إثمه أكبر من نفعه ولو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ويعين الرفقة ببدنه ويواسيهم بماله وهما من حسن الصحابة ولا ينفرد عنهم فإن في الاجتماع مصلحة له ولهم ويحرس متاعه ونفسه تحفظا عن غوائل السفر فإذا كانوا جماعة تحارسوا بالنوبة إذا نام واحد حرس آخر وهو من السنة ويقيم على المريض ثلاثا وهو من الحق ولا يصحب من يكفيه فورد عن أبي جعفر (ع) إذا صحبت نحوك ولا تصحبن من يكفيك فإنه مذلة للمؤمن وهو يشمل الحضر أيضا وفي بعض النسخ ولا حرسا ولا شاعرا ولا ساحرا ولا كاهنا ولا منجما ولا جلالة ولا كلبا والحرس بفتح الراء خدم السلطان المرتبون لحفظه وحراسته والواحد حرسي منسوبا إليه وقد يستعمل الحرس اسم جنس كما في النهاية وهو المراد هنا والشاعر والساحر قد عرفتهما فيما سبق والكاهن من يتعاطى الكهانة وهي الاستعانة على المغيبات بقوة النفس بعد تهييجها بحركة نفسانية أو جسمانية وقطع التفاتها عن ما لو فاتها وتوجيهها برمتها نحو المطلوب والمنجم من يقول بقدم الأفلاك والنجوم ولا يقول لها بمفلك ولا خالق وهم فرقة من الطبيعيين يستمطرون بالأنواء معدودون من فرق الكفر في كثير من مسفورات الخاصة والعامة يعتقدون في الانسان أنه كساير الحيوانات يأكل ويشرب وينكح ما دام حيا فإذا مات بطل واضمحل وينكرون جميع الأصول الخمسة وأما هؤلاء الذين يستخرجون بعض أوضاع السيارات وربما يتخرصون عليها بأحكام مبهمة متشابهة ينقلونها تقليدا من بعض ما وصل إليهم من كلمات الحكماء الأقدمين مع صحة عقايدهم الاسلامية فغير معلوم دخولهم في المنجمين الذين ورد فيهم من المطاعن ما ورد والجلالة الدابة المتغذية بالجلل وقد ورد كراهة الحج والعمرة على الإبل الجلالات وأما الكلب فالأسود البهيم منه أشد كراهة والحكم في صحابة هؤلاء في السفر والحضر واحد وإن كان في السفر أشد ومن ثم ذكرت بالخصوص بل ينبغي أن يصحب من يتزين به ومن يرى له من الفضل عليه كما يرى له عليه فورد عن أبي عبد الله (ع) أصحاب من تتزين به ولا تصحب من يتزين بك وهو يشمل الحضر أيضا وعن أمير المؤمنين (ع) لا تصحبن في سفر من لا يرى لك من الفضل عليه ما ترى له عليك ويرفق بالراحلة وإلا فليستعد للخصومة غدا وقد سبق أن المنبت لا ظهرا أبقى ولا أرضا قطع ويتحفظ عن جنايتها والمشهور ضمان الراكب ما تجنيه بيديها دون ما تجنيه برجلها وكذا القائد كما في الصحيح وغيره وفي رواية إذا وقف فعليه ما أصابت بيدها ورجلها وإن كان يسوقها فعليه ما أصابت بيدها ورجلها أيضا وفيما تجنيه برأسها قولان ولم يفرقوا في ذلك بين الأعمى وغيره وهو لا يخلو عن وجه وحيث يحكم بالضمان ففي تعيينه عند الاجتماع وجوه متشابهة أشبهها تقديم القائد فالراكب سيما في جناية الرأس ومنهم من قطع بالتشريك ومن الرفق بها أن ينزل عنها أحيانا في أثناء السير ففيه خيرات حسان ففيه إقامة السنة النبوية وترفيه الدابة فلكل كبد حرى أجر واتقان المعيشة إن كانت من ماله ومسرة المكاري إن كانت من ماله ورياضة النفس بمشي الأقدام والتحرز عن ضعف الأعصاب وخدرها وهيجان البواسير وعرق النساء بطول الركوب ولا ينام عليها فإنه يثقل بالنوم وتتأذى به الدابة وأكثر ما يكون الدبر منه و يستعد للسقوط إلا نومة خفيفة وهي الغفوة أو إذا كان في محمل يمكنه الاحتفاظ والتمدد فهو يوجب انتشار الثقل ويقل المحذور ولا يجلس عليها بجمع الرجلين متربعا أو غيره من هيئات الجلوس ولو في حالة السير بل يمد رجليه على هيئة الراكب أو المراد الوقوف بها راكبا للتحدث أو غيره وفي النبوي لا تتخذوا ظهور دوابكم كراسي وفيه لا تتوركوا على الدواب ولا تتخذوا ظهورها مجالس وفي آخر لا يتخذ ظهرها مجلسا يتحدث عليها وفي آخر لا يقف على ظهرها إلا في سبيل الله ولا يحملها فوق طاقتها ولا يكلفها من المشي ما لا تطيق ولا يرتدف عليها ثلاثة فإن أحدهم ملعون وسئل أبو عبد الله (ع) متى أضرب دابتي تحتي قال إذا لم تمش تحتك كمشيها إلى مزودها أي مرتعها ولا يضرب
(٣٤٢)