أن لصاحب المال أن يعمل بماله ما شاء ما دام حيا إن شاء وهبه وإن شاء تصدق به وإن شاء تركه إلى أن يأتيه الموت فإن أوصى به فليس له إلا الثلث إلا أن الفضل أن لا يضيع من يعول ولا يضر بورثته وفي النبوي فيمن أعتق رقيقه عند موته وليس له مال غيرهم وله صبية صغار قال لو علمت ما دفناه مع أهل الاسلام ترك ولده يتكففون الناس وفي بعضها الحمل على التقية لموافقتها أشهر مذاهبهم ورواياتهم هذا كله إن مات في مرضه ذلك أما لو برأ لزمت مطلقا بلا خلاف و ربما يلحق بالمرض كل حالة يغلب معها التلف مثل التحام الحرب وطلق المرأة واضطراب البحر بالسفينة وهو شاذ لا جدوى له عندنا وعلى التقادير تقدم المنجزات على الوصايا مطلقا كما يستفاد من الأخبار وإذا تعددت الوصايا ولم يجز الورثة الجميع حيث يقف على إجازتهم بدأ بالأول وهو ما قدمه الموصي في الذكر ولم يعقبه بما ينافيه فالأول وهو ما ذكره بعده سواء عطفه بالفاء أو الواو أم قطعه ولو قال ابدأوا بالأخير كان هو الأول حتى يستوفى الثلث ويلغو الباقي لرواية حمران فيمن أوصى بعتق فلان وفلان حتى ذكر خمسة من مماليكه وفي أخرها وإن عجز الثلث كان ذلك في الذين سماهم أخيرا لأنه أعتق بعد مبلغ الثلث ما لا يملك وما لا يجوز له والمشهور أنه لا فرق في ذلك بين كون المتأخر عتقا أو غيره ولا بين وقوعه متصلا بما قبله أو بعد فصل خلافا لبعضهم في الأول فقدم العتق على غيره من التبرعات وإن تأخر ذكره ولبعضهم في الأخير فجعل المنفصل عرفا رجوعا عن الأول إلا أن يسعهما الثلث فينفذان جميعا ولو اشتبه الأول الحقيقي أو الإضافي أقرع لاخراجه إذ هي لكل أمر مشتبه فيكتب في رقعة اسم أحدهما وأنه السابق وفي أخرى اسم الآخر وأنه السابق و تخفيان ثم تخرج إحديهما فمن خرج اسمه فهو السابق ويمكن بأقسام أخر وبرقعة واحدة ولو ذكر ما لا يدل على الترتيب كما لو قال أعطوا فلانا وفلانا مائة أو رتب باللفظ ثم نص على عدمه دخل النقص على الجميع بالنسبة فيقسم الثلث عليهم على جهة العول فلو كان الثلث خمسين والوصايا لزيد خمسين ولعمرو وبكر كليهما بالسوية خمسين كان لكل منهم نصف وصيته وهكذا ولا يحمل الأخير على الرجوع عن الأول أبدا إلا مع القرينة المانعة على الجمع كما قال أعطوا ثلثي زيدا وأعطوا ثلثي عمروا فإن الثلث المضاف إليه لا يتعدد أما لو قال أعطوا زيدا خمسين وأعطوا عمروا خمسين فقدم المقدم وإن كان الخمسين ثلثه لأن الوصية بما زاد على الثلث صحيحة وإن توقفت على الإجازة ويجب على الوصي والورثة العمل بما رسمه الموصي ما لم يناف الشرع كالوصية للمعصية كما يأتي فورد في الصحيح عن أحدهما (ع) أعط لمن أوصى له وإن كان يهوديا أو نصرانيا إن الله يقول فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه والوصية متأخرة عن الدين يعتبر الثلث بعد اخراجه وإنما قدمت في الآيات الكريمة عليه مبالغة في تأكيد أمرها وتوصيا لنفوس الورثة على اخراجها كالدين حيث يضعف التقاضي بها غالبا ولأن الدين مما يمكن التخلص منه باسقاط من له الحق بخلاف الوصية فكانت أشد من وجه وأما كونها متقدمة على الميراث فمنطوقها الصراح وينبغي لمن حضره الموت أن يوصي بالولاية على أطفاله ومجانينه إلى أمين و الأحوط اشتراط عدالته إن لم يكن لهم ولي بعده نظرا لهم وصيانة لأموالهم عن الضياع وتخفيفا على المؤمنين مؤنتهم الواجب عليهم كفاية إن اضطروا ولو كان لهم ولي بطلت الوصية إلى الأجنبي على الأظهر لأن الثابت بأصل الشرع أقوى ولعموم آية أولو الأرحام وقيل بل تصح فيما بعد انقضاء ولايته وهو ضعيف والوصية جايزة من طرف الموصي له الرجوع عنها ما دام حيا بالقول كان أم بالفعل صريحا أو استلزاما كساير العقود الجايزة سواء كانت بالولاية أو غيرها وكذا يجوز الرجوع عن القبول للوصي لكن رجوعه مشروط ببلوغه إلى الموصي وإلا لم ينفسخ بلا خلاف لأنه إذا قبل فقد غره ومنعه من طلب غيره بل رده ابتداء أيضا مشروط به على الأحوط ففي صحيحة منصور بن حازم أو موثقته عن أبي عبد الله (ع) إذا أوصى الرجل إلى أخيه وهو غائب فليس له أن يرد وصيته لأنه لو كان شاهدا فأبى أن يقبلها طلب غيره وفي صحيحة الفضيل وغيره إذا بعث بها إليه من بلد فليس له ردها وإن كان في مصر يوجد فيه غيره فذاك إليه وورد في رجل دعاه والده إلى قبول وصيته هل له أن يمتنع من قبول وصيته أنه ليس له أن يمتنع أما بعد موت الموصي فليس له الفسخ مع القبول بالاجماع وبدونه أيضا على المشهور فإن لم يوص بأولاده أو وصاياه إلى أحد أو مات الوصي أو بطلت وصايته لاختلال شرطه فيه فعلى الحاكم النظر بنفسه أو من ينصبه لذلك بالولاية العامة فإن فقد فعلى من يوثق به من المؤمنين كفاية على المشهور من باب الحسبة فورد في التنزيل تعاونوا على البر وهذا من أوضح أفراده والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض خرج منه المجمع عليه فبقي الباقي في العموم ويؤيده بعض الروايات فدحضت حجة المانع وهي انتفاء الإذن الشرعي أما ما يضطر إليه الأطفال والدواب من المؤنة وصيانة الأموال المشرفة على التلف ونحو ذلك ففي المفاتيح أنه واجب على الكفاية على جميع المسلمين العدول وغيرهم حتى لو فرض أنه لم يخلف مورثهم مالا فمؤنة العاجزين عن التكسب منهم واجبة عليهم من أموالهم كإعانة كل محتاج واطعام كل مضطر ويستحب أن يوصي بشئ من ماله لأقاربه فورد عن أبي عبد الله (ع) من لم يوص عند موته لذوي قرابته ممن لا يرثه فقد ختم عمله بمعصية وليخص به أو بأكثره المحتاجين منهم فيكون قد جمع بين الصلة والصدقة هذا أن فضل المال عن غنى الورثة وإلا فلا يستحب لقوله (تع) إن ترك خيرا على أن يراد بالخير المال الكثير أو فلا يوصي لأن التوفير عليهم حينئذ أهم والأفضل في الوصية المتبرعة أن تكون بما دون الثلث حتى أنها بالربع أفضل من الثلث وبالخمس من الربع فورد عن أمير المؤمنين (ع) لأن أوصي بخمس مالي أحب إلي من أن أوصي بالربع ولأن أوصي بالربع أحب إلي من أن أوصي بالثلث ومن أوصى بالثلث فلم يترك وفي لفظ آخر عن أبي عبد الله (ع) فقد أضر بالورثة وعن أمير المؤمنين (ع) الوصية بالخمس لأن الله عز وجل رضي لنفسه بالخمس
(٣٤٨)