الأظهر جواز بيعه وشرائه فيما جرت العادة به منه في الشئ الدون دفعا للحرج في بعض الأحيان وكذا فيما كان فيه بمنزلة الآلة لمن له الأهلية وثانيها الرشد الرافع للحجر فيبطل من المجنون والمغمى عليه والسكران والسفيه وثالثها الرضا فلا ينفذ من المكره بغير حق أما المكره بحق كمن توجه عليه بيع ماله لوفاء دينه أو شراء مال أسلم إليه فيه فأكرهه الحاكم عليه أو نحو ذلك فينفذ منه بلا خلاف ورابعها المالكية التامة للعوضين أو ما يقوم مقامها كالوكالة والولاية العامة والخاصة ومنها الوصاية وهذه الأربعة مشروطة في المتابعين مطلقا ويستدرك فقد الأخيرين منهما بالإجازة اللاحقة للعقد من المالك أو من يقوم مقامه دون الأولين فلو أكره بغير حق على بيع أو شراء ثم رضي بذلك و أجازه صح ولزم وكذا لو باع أو اشترى فضوليا ثم أجاز المالك على المشهور خلافا لمن أبطله رأسا والروايات من الطرفين عامية وفي أخبار تزويج العبد بدون إذن المولى ما يؤيد المشهور ولو لم يجز كان له الرجوع على المشتري في عين ماله ومنافعه المتصلة والمنفصلة المستوفاة وغيرها عينا أو مثلا أو قيمة وله الرجوع بجميع ما اغترم على البايع مع جهله بالحال لكونه مغرورا منه دون علمه بها لأنه الذي أدخل الغرامة على نفسه بمعاملته الفضولية وهل يرجع حينئذ بالثمن فيه أقوال ثالثها الرجوع مع بقاء عينه وعدمه مع عدمه أما الأول فلأنه ماله إذ لم يعرضه ما يخرجه عن ملكه فهو مسلط عليه وأما الأخير فلأن دفعه إلى البايع على الوجه المفروض إذن له في اتلافه فيكون مباحا فلا يتعقبه ضمان وهو من الأمر بين الأمرين ولو تعاقبت عليه الأيدي تخير المالك في تغريم من شاء منهم ويرجع المغرور على غاره والغاصب فضولي وكذا السارق والخاين أما الصبي والسفيه ومن في حكمه فلا يؤثر رضاهم بعد العقد في تصحيحه إذ لا قصد لهم ولا أهلية وفي المفاتيح نسبه إلى القيل مشعرا بتمريضه ويختص المشتري للمصحف وأبعاضه والمملوك المسلم ومن في حكمه باشتراط الاسلام فيه فلا يصح بيع المصحف من الكافر وفي الحاق كتب الحديث به وجه وكذا المسلم منه على المشهور لانتفاء السبيل له عليه بنص الكتاب إلا فيمن ينعتق عليه بالعتق القهري من ذوي الأرحام المذكورين ومشروط العتق عليه في العقد ومن أقر بحريته وهو في يد غيره وقيل يجوز مطلقا ويجيز على بيعه من مسلم إن كان ممن لا ينعتق عليه وكيف كان فالظاهر أنه لا خلاف في أنه يجبر المولى الكافر على بيع مملوكه المسلم إن أسلم في ملكه ولم ينعتق عليه كما سبق وخامسها أن يأتيا بما يدل على الايجاب من البايع والقبول من المشتري صريحا بحيث يرتفع الاشتباه ولا يبقى لهما مجال التنازع في ذلك وهو قد يحصل بلفظ من الطرفين كبعت أو ملكت أو نحو ذلك في الايجاب و اشتريت وقبلت ونحوهما في القبول وقد يحصل بغير ذلك كالفعل باليد أخذا وتسليما مع القرائن وفاقا لشيخنا المفيد لاطلاق النصوص من الكتاب والسنة الدالة على حل البيع وانعقاده من غير تقييد بصيغة خاصة مع عدم دليل آخر عليه وتكليف فهمه من لفظ البيع من قبيل الألغاز والتعمية الغير اللائق بالشارع واللفظ لم يكن سببا للنقل لعينه بل لدلالته والفعل أيضا دال على المقصود دلالة مستمرة في العادة وانضم إليه مسيس الحاجة وسيرة الأولين فإن المشتري كان يجئ إلى بياع الحنطة ويقول له بكم تبيع منها منا فيقول بدرهم فيعطيه الدرهم ويأخذ منا من غير لفظ آخر يجري بينهما وقد يكون السعر معهودا بينهما فلا يحتاج إلى السئول والجواب أيضا فإن مثل هذا الفعل صريح في البيع لا يحتمل غيره خصوصا إذا كان البياع إنما جلس في دكانه للبيع لا للهبة والإعارة والايداع وغير ذلك والاحتمال البعيد لا يقدح في مثله فإنه وارد في اللفظ أيضا هذا مع اطراد جميع العادات بقبول الهدايا من غير ايجاب وقبول لفظيين مع التصرف فيها وأي فرق بين أن يكون فيه عوض أو لا إذا لم يرد به الشرع إذ الملك لا بد من نقله في الهبة أيضا و كذلك القول في سائر العقود خلافا للمشهور بل كاد يكون اجماعا حيث أوجبوا في العقود جميعا لفظا دالا على الايجاب وآخر على القبول بصيغة الماضي فيهما لأنها أقرب إلى الانشاء المقصود فيها حيث دل على وقوع مدلوله في الماضي فإذا لم يكن ذلك هو المقصود كان وقوعه الآن حاصلا في ضمن ذلك الخبر بخلاف المستقبل المحتمل للوعد والأمر الغير المقتضي انشاء البيع من جانب الأمر ومنهم من أوجب قصد الانشاء به ومنهم من أوجب وقوعهما بالعربية إلا لمن شق له تعلمها ومنهم من أوجب تقديم الايجاب على القبول ومنهم من أوجب مطابقتهما ومنهم من اشترط غير ذلك وعلى ما قالوه لو وقع الاتفاق بين المتبايعين على البيع وعرف كل منهما رضا الآخر بما يصير إليه من العوض المعين الجامع لشرايط البيع غير اللفظ المخصوص لم يفد اللزوم لكن هل يفيد إباحة تصرف كل منهما فيما صار إليه من العوض نظرا إلى إذن كل منهما للآخر في التصرف وإن جاز له الرجوع ما دامت العين باقية أم يكون بيعا فاسدا من حيث اختلال شرط وهو الصيغة الخاصة المشهور الأول والعلامة وجماعة على الثاني والأحوط الاتيان بالقول الصريح فيما له خطر ولا سيما مع اعتضاده بأصالة بقاء ملكية كل واجد لماله إلى أن يعلم الناقل هذا ما قرره في المفاتيح وهو المدلول عليه بتتبع الروايات على أن خلوها عن اشتراط اللفظ بشئ من القيود المذكورة في مثل هذا الأمر الشايع الذي هو من أعم ما تعم به البلوى وتكثر إليه الحاجة وتتوفر الدواعي على تبليغ أحكامه ونقلها جدا مما يثبت المطلوب أيضا بناء على أن عدم الدليل في مثله يصلح دليلا للعدم بحكم العادة السايرة كما أشرنا إليه مرارا والاحتمالات العقلية البعيدة المثيرة للشكوك لو اصغي إليها لاختل أكثر الاستدلالات وانسدت أبواب الأخذ بالظواهر إلا أن ما ادعاه من سيرة الأولين مما يعسر اثباته وما احتج به من قبول الهدايا والتصرف فيها بغير لفظ إن ثبت فإنما يدل على إباحة التصرف كما هو المشهور دون فساد المعاملة كما نقله عن العلامة ولا دلالة فيه على اللزوم كما هو المطلوب وما ذكره من الاحتياط فيما له خطر حسن جدا حسما لمادة التنازع والتجاذب فيما لا يتسامح فيه ومثله ما لا يستدرك فائته كالفروج ولو قيل باشتراط اللفظ في الجميع من غير تقييده بشئ مما ذكر إلا صراحة الدلالة في العقد المقصود كما نقله الشهيد
(٢٣٠)