إلى هذه الأرض التي توبق دينه كما في رواية الحسين بن أبي العلا وغيرها ولا يتلقى الركبان للشراء منهم أو البيع عليهم إذا لم يكونوا عالمين بسعر البلد والنهي عنه ظاهر في التحريم كما قاله جماعة وحده أربعة فراسخ وما زاد فتجارة وجلب ولا يدخل في سوم أخيه المسلم بأن يستميل البايع أو المشتري عنه إلى نفسه وقيل بتحريمه أيضا وفي بعض النسخ ولا يربح على المؤمن وأصله ما روي عن أبي عبد الله (ع) قال ربح المؤمن على المؤمن ربا إلا أن يشتري بأكثر من مائة درهم فاربح عليه قوت يومك أو يشتريه للتجارة فاربحوا عليهم وارفقوا بهم وبهذا الاستثناء صرح في المفاتيح وفي حديث آخر سئل عن الخبر الذي روي أن ربح المؤمن على المؤمن ربا فقال ذاك إذا ظهر الحق وقام قائمنا أهل البيت فأما اليوم فلا بأس أن تبيع من الأخ المؤمن وتربح عليه وأن لا يعامل إلا متدينا فإن معاملته أسلم من الغبن والخيانة والمشاقة وماله أبرك وأبعد عن الشبهة وأن يباكر في طلب الحاجة فإن في البكور والبركة إجابة لدعاء النبي صلى الله عليه وآله اللهم بارك لأمتي في بكورها ولا ينافي هذا ما سبق من كراهة ما بين الطلوعين لأن العام يحمل على الخاص وأن يذكر الله عند دخول السوق بالمأثور وهو اللهم إني أسئلك من خيرها وخير أهلها وأعوذ بك من شرها وشر أهلها اللهم إني أعوذ بك من أظلم أو أظلم أو أبغي أو يبغي علي أو أعتدي أو يعتدى على اللهم إني أعوذ بك من شر إبليس و جنوده وشر فسقة العرب والعجم وحسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم و روي غير ذلك وأن يتشهد عند البيع الشهادتين كما في المفاتيح وظاهره استحباب ذلك للبايع وأسنده فيه إلى الرواية وجعله صاحب اللمعة من آداب المشتري والذي وقفت عليه مما يتضمن الشهادتين رواية أبي عبيدة عن أبي عبد الله (ع) من قال في السوق أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله كتب الله له ألف حسنة وأن يكبر المشتري للتجارة ثلاثا ويدعو بعد الشراء بالمأثور في صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) إذا اشتريت متاعا فكبر الله ثلاثا ثم قل اللهم إني اشتريته التمس فيه من فضلك فصل على محمد وآل محمد واجعل لي فيه فضلا اللهم إني اشتريته التمس فيه من رزقك فاجعل لي فيه رزقا ثم أعد كل واحد ثلاث مرات وأن لا يبالغ البايع في مدح المبيع بوصفه بما يوجب مزيد الرغبة فيه الموجب لزيادة القيامة ولا المشتري في ذم المشتري بوصفه بخلاف ذلك وتسميته مبيعا ومشترى من مجاز المشارفة وإن أمكن الحكم بالكراهة بعد ذلك أيضا وإنما يكره ذلك إذا صدق الوصف أما لو كذب فالتحريم لا يخلو من وجه سيما إذا استلزم ذلك غرورا أو ضرارا كما هو الغالب ومورد المناهي المدح والذم كما في الشرايع وغيره دون المبالغة فيهما كما هنا وفي المفاتيح وأن لا يحلف على البيع والشراء فهو جعله (تع) عرضة للأيمان المنهي عنه في قوله عز وجل ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ومن سوء الأدب ابتذال اسمه (تع) لترويج الدنيا الخسيسة وورد عن النبي صلى الله عليه وآله ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة عتل مستكبر ومنان بعطيته ومنفق سلعته بيمينه وموضع الآداب الحلف صادقا أما الكاذب فعليه لعنة الله وأن يظهر البايع عيب المبيع وقدره وسعر الوقت إن خفيت على المشتري ويظهر فيما عدا المساومة ما سومح به فيما اشتراه في الصفقة الأولى فالاخفاء خيانة وغش وورد في النبوي وغيره بألفاظ متقاربة من غشنا فليس منا وفي حديث هشام أن البيع في الظلال غش والغش لا يحل ولا يبخس في الميزان فإنه من أفحش الخيانة كما سبق وورد في التنزيل ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ولا يروج الزيف وهو النقد المغشوش بغير المعتاد بل يفلقه بنصفين ويلقيه في البئر كما في رواية موسى بن بكر قال كنا عند أبي الحسن (ع) فإذا دنانير مصبوبة بين يديه فنظر إلى دينار فأخذه بيده ثم فلقه بنصفين ثم قال لي القه في البالوعة حتى لا يباع شئ فيه غش وينبغي تقييده بما إذا تعذر الانتفاع على وجه آخر ولا يشوب اللبن بالماء ولا يخلط التراب بالطعام ولا ما لا يعتاد باللحم ولا يندي الموزون يلتمس به الزيادة إلا أن يعلمهم فهو وأمثاله حرام فكله من الغش وعن أبي جعفر (ع) مر رسول الله صلى الله عليه وآله في سوق المدينة بطعام فقال لصاحبه ما أرى طعامك إلا طيبا وسأله عن سعره فأوحى الله عز وجل إليه أن يدس يديه في الطعام ففعل فأخرج طعاما رديا فقال لصاحبه ما أراك إلا وقد جمعت خيانة وغشا للمسلمين ولا يقدم على النجش وهو أن يساوم على شئ لا يزيده بما فوق ثمنه ترغيبا للمشتري إليه والمصنف على تحريمه أيضا لأنه غش وخديعة وقيل بكراهته والأصل الجامع لما ذكر وغيره أن لا يريد لغيره ما لا يريد لنفسه كما ينبه عليه عمومات النصيحة وقوله (تع) ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه وهو إنما يتأتى باعتقاد أمرين أحدهما أن الخيانة لا تزيد في الرزق والديانة لا تنقص منه كما في النبوي المستفيض أن الله قسم الأرزاق بين خلقه حلالا ولم يقسمها حراما فمن اتقى الله عز وجل وصبر أتاه الله رزقه من حله ومن هتك حجاب السر وعجل فأخذه من غير حله قص به من رزقه الحلال وحوسب عليه يوم القيامة والآخر أن ربح الآخرة وغناها خير من ربح الدنيا كما قال (تع) والآخرة خير وأبقى وفوائد الدنيا وأموالها تنقضي بانقضاء العمر وتبقى مظالمها وأوزارها وكيف يستجيز العاقل أن يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير والخير كله في سلامة الدين فورد عن النبي صلى الله عليه وآله لا يزال لا إله إلا الله يدفع عن الخلق سخط الله ما لم يؤثروا صفقة دنياهم على آخرتهم وفي لفظ آخر ما لم ينالوا ما نقص من دنياهم بسلامة دينهم فإذا فعلوا ذلك وقالوا لا إله إلا الله قال الله كذبتم لستم بها صادقين وهو من مواضع الغرور فإن هذا الاعتقاد قد يظنه كل أحد بنفسه عند تيسر الأمور وسعة الرزق واقبال الدنيا ويعرف صدقه من كذبه في أوقات الضيق والشدة فإن وجد استنكافه عن الخيانة والغش فيها مثله في الحالة الأولى فهو صادق في دعواه وأن يحسن في المعاملة مع الناس زيادة على ما ذكر بأن لا يغبن المعامل غبنا غير معتاد كالواحد بواحد وإن أعطى المشتري أو البايع لرغبة إلى السلعة أو الثمن أو حاجة إليهما ويخبره بالغبن إذا كان لجهل وإذا
(٢٢٨)