التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٢٣٩
يحترز عنه في قوانين الشريعة لأن الأول ضرار على العامل والثاني على المالك فإن قلت يمكن أن يحترز عن ذلك بتقويم المالك العروض حين التسليم إلى العامل فيرجع إلى النقد ولا يلزم شئ من المحذورين لحصول الضبط المقصود قلت هذا التقويم لا وجه له لأنه إن كان بيعا فلا معنى لبيع المالك ماله على وكيله فإن اعتبر شراؤه لنفسه لزم أن يكون تلفه وخسرانه قبل الدوران منه لأنه ماله اشتراه وأن يجوز له التصرف كيف شاء وغير ذلك من لوازم الملكية وهي بأسرها ممنوعة اتفاقا وأيضا يلزم أن يكون رأس المال حقيقة هو الثمن الذي وقع به التقويم دون نفس العروض فيكون القراض واقعا بالدين وهو فاسد بالنص والاجماع كما يأتي وإن لم يكن بيعا والعروض مال المالك والتلف والخسران منه انتفت فائدة التقويم وكان رأس المال هو الثمن الذي بيع به العروض وهو قد يزيد عن قدر تقويم المالك وقد ينقص عنه وكيف كان فهو غير ما وقع عليه العقد فيكون فاسدا فتأمل وثانيها أن يكون مقداره معلوما عند العقد لترتفع الجهالة عنه فلا تكفي المشاهدة على المشهور خلافا لمن اكتفى بها لزوال معظمها بها وثالثها أن يكون معينا ولو مشاعا لأن المشاع معين في نفسه فلا يصح بالدين لأن الثابت في الذمة أمر كلي غير منضبط وفي رواية السكوني عن أمير المؤمنين (ع) في رجل له على رجل مال فيتقاضاه ولا يكون عنده ما يقضيه فيقول هو عندك مضاربة فقال لا يصلح حتى يقبضه منه واشتراطه مقطوع به في كلامهم ويحتمل أن يكون قد اكتفى عنه المصنف بالشرط الأول بأن يريد بالنقد ما يعم معناه الآخر وهو المقابل بالنسيئة لكنه لا يسلم عن عموم الاشتراك أو باشتراط المعلومية بأن يريد بها ما يعم المقدار والعين وإن كان بعيدا وهذا من الايجازات المخلة ورابعها أن يكون سهم كل منهما من الربح معينا في العقد نصفا أو ثلثا ونحو ذلك فلا يصح تفويض نصيب العامل إلى اختيار المالك أو العكس لما فيه من الجهالة العظيمة وفتح باب التنازع وخامسها أن يكون الربح كله شايعا بينهما فلو شرط لأحدهما خمسون درهما مثلا والباقي بينهما فسد لأن الربح ربما لا يزيد على القدر المشروط فيلزم أن يختص به واحد منهما ويحرم الآخر وهو خلاف الوضع وفي صحيحة الحلبي وإن ربح فهو بينهما وفي صحيحة أبي بصير وموثقة إسحاق بن عمار والربح بينهما أما لو شرط الربح كله للمالك أو للعامل احتمل كون الأول بضاعة والثاني قرضا وإن وقعا بلفظ القراض أو المضاربة وسادسها أن يكون العمل بالمال على الوجه المقصود للمالك مقدورا للعامل فلا يصح مع عجزه عنه حين العقد إلا مع علم المالك وبدونه يضمن العامل لأن قبضه حينئذ إنما وقع على غير الوجه المأذون فيكون غارا عاديا وهل يضمن الجميع أو القدر الزايد عن مقدوره قولان وفصل ثالث بأنه إن قبض الجميع دفعة فالجميع وإن قبض مقدوره أولا ثم الزايد فالزايد لا غير ولو تجدد عجزه وجب عليه رد الزايد أو اعلام المالك ويجوز له مع اطلاق العقد تولى ما يتوليه المالك بنفسه في المعاملات من عرض القماش على المشتري ونشره وطيه والاستيجار لما جرت العادة بالاستيجار له كالحمل ووزن الأثقال ونحو ذلك بحسب حاله وابتياع المعيب والرد بالعيب وغيره كل ذلك مع الغبطة وعقد القراض ينطوي على إباحة هذه التصرفات وأمثالها عموما لتوقف المطلوب عليها فلا حاجة فيها إلى الإذن بالخصوص إما السفر به مع خوف الطريق أو أمنه والخلط بغيره من ماله أو مال غيره بحيث لا يتميز والقرض منه أو بيعه قرضا والقراض به مع غيره ونحوها مما لا يتوقف عليه الاسترباح أو يشتمل على تعرير فيقف على الإذن الخاص فلو فعل بدونه إثم وضمن الخسار والربح بينهما وإذا أذن له في شئ منها فإن أطلق تخير وإن عين كالسفر إلى جهة مخصوصة أو بلد مخصوص تعين ولا يجوز له أن يتعدى المأذون وإن كان أوفى بالمقصود وفي صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يعطي الرجل المال فيقول له ائت أرض كذا وكذا ولا تجاوزها واشتر منها فإن جاوزها وهلك المال فهو ضامن وإن اشترى متاعا فوضع فيه فهو عليه وإن ربح فهو بينهما وفي صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) في الرجل يعطي المال مضاربة وينهي أن يخرج به قال يضمن المال والربح بينهما وينبغي أن يشتري بالعين المدفوعة إليه أو الحاصلة في يده بالتقليب والأكثر على وجوبه لا الذمة إلا مع الإذن لما فيه من احتمال الضرر إذ ربما يتلف رأس المال فتبقي عهدة الثمن متعلقة بالمالك ولأن الحاصل بالشراء في الذمة ليس ربح هذا المال وينفق العامل في السفر على المشهور كمال نفقته مطلقا من مأكول وملبوس ومركوب ومسكن وغير ذلك بحسب حاله من الجميع وإن لم يكن ربح كما هو ظاهر صحيحة علي بن جعفر عن أخيه (ع) في المضارب ما أنفق في سفره فهو من جميع المال فإذا قدم بلده فما أنفق فمن نصيبه وقيل بل الزايد على نفقة الحضر خاصة لأنه الحاصل بالسفر وأما غيره فليس السفر علة له وقيل بل نفقة السفر كلها عليه كنفقة الحضر للأصل وهو اجتهاد في مقابلة النص والأولى اشتراطها ثبوتا أو نفيا تباعدا عن الغرر والتنازع والربح وقاية لرأس المال يجبر به نقصانه بخسران أو تلف مطلقا عند المصنف ومن وافقه سواء كان في مرة واحدة وفي صفقة واحدة وفي سفرة واحدة أو أكثر إذ الربح هو الفاضل عن رأس المال في ضمن ذلك العقد فإذا لم يفضل شئ فلا ربح وقيل لا يجبر بالربح ما تلف منه قبل دورانه في التجارة بتصرف العامل فيه بالبيع والشراء وإن سافر به لعدم صدق مال القراض عليه بعد وضعف بأن المقتضي لذلك هو العقد لا الدوران المذكور ومنهم من خص الحكم بما إذا كان الخسران أو التلف بانخفاض سوق أو آفة سماوية أو نحوها مما لا يتعلق فيه الضمان بذمة الآدميين أو لو كان بغصب أو سرقة أو نحوها مما يتحقق فيه الضمان كان ذلك بمنزلة الموجود فلا حاجة إلى جبره ولأنه نقصان لا يتعلق بتصرف العامل وتجارته وهو كما ترى ولو أخذ المالك بعد الخسران شيئا ثم ربح بعد فلا يجبر به إلا خسران ما عدا المأخوذ لأنه إنما يجبر خسران رأس المال الذي ربح لا مطلق الخسران فينسب المأخوذ إلى الباقي بعد الخسار ويحسب له من الخسران بتلك النسبة فلو كان مال القراض مثلا مائة فخسر
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360