لم يكلف البيان بل يستحب أن يعرض عنه كما يستفاد من الأخبار وعن أمير المؤمنين (ع) أنه أمر أن يجلد حتى يكون هو الذي ينهي عن نفسه الحد وما لم يكمل النصاب الذي تثبت به الفاحشة من الاقرار والشهادة المعتبرة كما تقدم لم يجب الحد وإن دلت القرائن على موجبه وإن شهد دون ما تثبت به حد الشهود للفرية كما إذا شهد ثلاثة وقالوا سيجئ الرابع كما سبق من قضية أمير المؤمنين (ع) وكما إذا ردت الشهادات أو بعضها مطلقا لتحقق القذف العاري عن البينة فيحدون جميعا عند المصنف على خلاف في الأخير إلا في بعض الصور كما إذا شهد العدد المعتبر أولا ثم رجع أحدهم من شهادته بعد شهادة الجميع فيحد الراجع خاصة مؤاخذة له باقراره دون الباقين لانتفاء موجبه فيهم كالمشهود عليه وقيده بعضهم بما بعد الحكم أما قبله فيحد الجميع وكما إذا ردت بعض الشهادات بأمر خفي عند بعضهم ولا يقام الحد مطلقا على الحامل ولو من زنا حتى تضع الحمل وترضع الولد وتكفله حتى يعقل أن يأكل ويشرب ولا يتردى من سطح ولا يتهور في بئر إن لم تكن له مرضع ولا كافل غيرها فإن كان له كافل فبعد الرضاع كما في قضية أمير المؤمنين (ع) في الزانية التي كفل ولدها عمرو بن حريث المخزومي وإن كان مرضع فبعد الوضع بلا فصل فيما يراد فيه القتل أو بعد انقضاء أيام النفاس في الجلد لأنها مريضة ولا يحد المريض توقيا من السراية إلى نفسه و يتوقع به البرء فيما يتوقع فيه إلا مع المصلحة في التعجيل فيضرب ضربة واحدة بالضغث المشتمل على العدد المطلوب فعن أبي عبد الله (ع) في مريض زنا بمريضة فأمر رسول الله بعذق فيه مائة شمراخ فضرب به الرجل ضربة وضرب به المرأة ضربة ثم خلى سبيلهما ثم قرأ وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث وكذا لا يجلد في وقت شدة الحر والبرد خشية الهلاك بل إذا كان في البرد ضرب في حر النهار وإذا كان في الحر ضرب في برد النهار كما في حديث أبي الحسن (ع) وغيره ولا تقام الحدود في أرض العدو مخافة أن تحمله الحمية على الالتحاق به كما ورد عن أمير المؤمنين (ع) ولا في الحرم على من استوجبها خارجه والتجأ إليه لحرمته فإن من دخله كان آمنا كما مر ولا يسقط الحد باعتراض الجنون بل إن كان أوجبه على نفسه وهو صحيح لا علة به من ذهاب عقله أقيم عليه الحد كائنا ما كان كما في صحيحة أبي عبيدة ولا الارتداد وربما يجتمع به عليه القتل سببان ولا كفالة فيه كما في الحديث النبوي ولا شفاعة في اسقاطه أو التخفيف منه ولا تأخير مع الامكان إلا ما استثني مما ذكر وإذا اجتمعت على الواحد حدود متعددة فإن كانت كلها قتلا تداخلت وإلا فإن أمكن الجمع بينها فالذي ذكرها الأصحاب تخيير المستوفي في البدأة بأيها شاء وفي تقديم ما كان منها حق الآدمي وجه فلو تعددت حقوق الآدميين ففي تقديم ما سبق موجبه أو دعواه أو ثبوته أوجه وإلا بدئ بما لا يفوت معه الآخر جمعا بين الحقين وعن أبي عبد الله (ع) في الرجل يؤخذ وعليه حدود أحدها القتل فقال كان علي (ع) يقيم الحدود ثم يقتله ولا نخالف عليا ويدفن المرجوم قبل رجمه دفنا ناقصا تواري أسافله في حفيرة تثبيتا له عن الفرار واكتفاء بإصابة ألم الحجارة أعاليه فالرجل إلى حقويه والمرأة إلى وسطها كما ورد وفي كلام الأصحاب إلى صدرها وفي وجوب ذلك أو استحبابه وجهان واحتمل في المفاتيح ايكال الأمر فيه إلى الحاكم وإن فر أعيد إن ثبت زناه بالبينة دون ما إذا ثبت بالاقرار لأنه رجوع و الرجوع مسقط للرجم وفي رواية الحسين بن خالد عن أبي عبد الله (ع) إذا كان هو المقر على نفسه ثم هرب من الحفيرة بعد ما يصيبه شئ من الحجار لم يرد وروى الشيخ عن أبي بصير وغيره عنه (ع) قال قلت له المرجوم يفر من الحفيرة فيطلب قال إن كان أصابه حجر واحد لم يطلب فإن هرب قبل أن تصيبه الأحجار رد حتى يصيبه ألم العذاب وروى الصدوق مثله وبها فصل الشيخ في النهاية مطلقا والشهيد الثاني اقتصر في النظر على الرواية الأولى فاستدل له بالمفهوم وتبعه المصنف في المفاتيح ثم حاول الجمع باعتبار القيدين جميعا وهو أوجه ومن آداب الحدود أن تستشهد عند إقامتها طائفة من المؤمنين كما في الآية للاعتبار والانزجار كما يقتضيه حكمة الحدود واختلف في تفسير الطائفة فقيل عشرة وقيل ثلاثة والمروي عن أمير المؤمنين (ع) الطائفة واحد وأن لا يرجم من لله قبله حد كما ورد عن أمير المؤمنين (ع) في حديث المرأة أن الله عهد إلى نبيه عهدا عهده إلى أنه لا يقيم الحد من لله عليه حد فمن كان لله عليه حد مثل ما له عليها فلا يقيم عليها الحد فتأمل والظاهر أن الأمرين على سبيل الوجوب وربما يحتمل الاستحباب ويجلد الرجل قائما والمرأة جالسة ويفرق على جسده كله إلا الرأس والوجه والمذاكير وورد في السكران والزاني بين الكتفين ويضرب بين ضربين وورد في الأخير أشد الضرب وفي تجريده أو ضربه على الحالة التي يوجد عليها كاسيا أم عاريا مع ستر عورته قولان مرويان أشهرهما الأول وفي مضمرة أبي بصير تجريد السكران أيضا أما المفتري فالمروي فيه فوق ثيابه وفي رواية طلحة بن زيد لا يجرد في حد وورد عن النبي صلى الله عليه وآله بعدة أسانيد ومتون إقامة حد خير من مطر أربعين صباحا وذلك لأن نفعها في النفوس أعظم من نفعه في وجه الأرض وينبغي أن لا يزاد في تأدب الصبي والمملوك على عشرة أسواط وروي خمسة أو ستة وأرفق وفي أخرى لم يأذن في الأخير زيادة على خمسة والأحوط أن لا يزاد في الأول على ثلاثة فعن أمير المؤمنين (ع) لما ألقى صبيان الكتاب ألواحهم بين يديه ليخاير بينهم أبلغوا معلمكم إن ضربكم فوق ضربات في الأدب أني أقتص منه ومن ضرب عبده أو جاريته حدا من غير ايجابه على نفسه باتيان شئ من موجباته المذكورة فكفارته عتقه كما في الصحيح وغيره وفي وجوبه
(٢٠٤)