الصحة زيادة على ما ذكر تبييت النية لتعذر المقارنة إذ لا يعلم طلوع الفجر إلا بعد وقوعه فيلزم خلو جزء منه عن النية فيفسد إذ لا عمل إلا بنية وبفساده يفسد الكل فلا بد من التقديم من باب المقدمة وفي الحديث من لم يبيت منه الصوم من الليل فلا صيام له وتتسع طول الليل وهو وقتها الاختياري فإن لم يتيسر لنسيان أو غيره فإلى الزوال وهو غاية الاضطراري ويسري حكمها إلى ما قبل وتسوية بعضهم بين العامد والناسي في تحتم الليل شاذ كاطلاق آخرين إلى ما قبل الزوال هذا في الفرض ورخص في النفل إلى الليل توسعة في السراية كما في موثقة أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الصائم المتطوع تعرض له الحاجة قال هو بالخيار ما بينه وبين العصر وإن مكث حتى العصر ثم بدا له أن يصوم ولم يكن نوى ذلك فله أن يصوم ذلك اليوم إن شاء الله وفي حديث أمير المؤمنين (ع) إذا لم يفرض الرجل على نفسه صياما ثم ذكر الصيام قبل أن يطعم طعاما أو يشرب شرابا ولم يفطر فهو بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر وهو مطلق وفي معناه غيره مما يدل على التسوية بين جميع أجزاء النهار لكن في صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) إن هو نوى الصوم قبل أن تزول الشمس حسب له يومه وإن نواه بعد الزوال حسب له من ذلك الوقت الذي نوى فيه ولابن الجنيد قول بامتداد وقت النية مطلقا إلى الليل وقواه المصنف في المفاتيح لصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن (ع) في الرجل يصبح ولم يطعم ولم يشرب ولم ينو صوما وكان عليه يوم عن شهر رمضان أله أن يصوم ذلك اليوم وقد ذهب عامة النهار قال نعم له أن يصوم ويعتد به وفي مرسلة البزنطي عن أبي عبد الله (ع) يصبح فلا يأكل إلى العصر أيجوز له أن يجعله قضاء من شهر رمضان قال نعم واعلم أنه يترتب على ما ذكر في وجه اشتراط التبييت حكمان أحدهما فساد صوم من أصبح بنية الافطار من غير عذر ثم نوى الصوم ولو قبل الزوال لخلو بعض صومه عن النية وهو لا يتبعض وقد قطع بذلك كثير منهم في شهر رمضان والنذر المعين خاصة وبالصحة في غيرهما فريضة كالقضاء والنذر المطلق أو نافلة نظرا إلى اطلاق الروايات السابقة واستشكل ذلك المصنف في المفاتيح من حيث معارضة الروايات والدليل المذكور قال فينبغي أما أن تخصص الروايات بما إذا خلا عن النيتين ويكتفى في الصحة بعدم نية الافطار في البعض ونية الصوم في البعض وأما أن يقال بالصحة في رمضان والنذر المعين أيضا ويكتفى بنية البعض مط الثاني فساد الصوم المعتقد صحيحا بمجرد نية الافطار من غير تناول فيجب فيه القضاء كما ذهب إليه العلامة في المختلف ونقل عن أبي الصلاح وجوب الكفارة أيضا والمشهور فيه العدم إذ لا يهدم الصوم المنوي إلا الافطار نفسه دون نيته وفيه نظر يظهر وجهه من النظر فيما تقدم هنا وفي باب النية فتذكر ومنهم من فصل فأبطل الفريضة دون النافلة وأطال الكلام في الفرق من غير طايل وفرق آخرون بين البقاء عليها والعدول إلى نية الصوم ولا وجه له أيضا وتجزي نية واحدة لصيام شهر رمضان كله لأنه عبادة واحدة على وجه ونقل عليه الاجماع ولا بد فيه من العلم بدخول الشهر بثبوت الهلال شرعا عند المكلف في الليلة الماضية وثبوته مطلقا على أحد وجوه إما رؤية الهلال بنفسه ولو كان منفردا بها إذا لم يشك اجماعا وإن كانت في يومه قبل الزوال عند المصنف و بعض القدماء خلافا للأكثر أو مضي ثلاثين يوما من شعبان في الصوم ومن رمضان في الفطر وكذا في سائر الشهور بالضرورة من الدين أو شهادة عدلين متوافقين فيها مطلقا لاطلاق بعض الروايات وفاقا لجماعة وقيل بشرط الغيم وأن يكونا من خارج البلد وإلا فلا بد من خمسين لرواية أبي أيوب عن أبي عبد الله (ع) ليس رؤية الهلال أن تقوم عدة فيقول واحد قد رأيته ويقول الآخرون لم نره إذا رآه واحد رآه مائة وإذا رآه مائة رآه ألف ولا يجوز في رؤية الهلال إذا لم يكن في السماء علة أقل من شهادة خمسين وإذا كان في السماء علة قبلت شهادة رجلين يدخلان ويخرجان من مصر وفي معناها غيرها ومال إليه في المفاتيح لأن المقيد يحكم على المطلق ومن القدماء من اكتفى فيه بعدل واحد بالنسبة إلى الصوم خاصة وهو شاذ أو الشياع وهو اخبار جماعة تأمن النفس تواطئهم على الكذب و يحصل بخبرهم العلم أو الظن المتاخم له على الخلاف ولا ينحصر في عدد نعم يشترط زيادتهم على اثنين ولا فرق بين الصغير والكبير والذكر والأنثى والكافر والمسلم كما صرحوا به والنصوص خالية عن التعويل على الشياع بهذا التفسير في هذا الباب كما اعترف به في المفاتيح ولكن الجماعة ذكروا ذلك قاطعين به ومنهم من نقل عليه الاجماع فتبعهم المصنف ثم إنه إذا ثبت عند الحاكم بالعدلين أو الخمسين أو الشياع فهل يجب على غيره من المكلفين التعويل على حكمه أم لا بد لكل منهم من الثبوت عنده كما ثبت عند الحاكم وجهان أقواهما الأول وفاقا للشهيد وغيره استناد إلى عموم ما يدل على أنه إذا أقامت عنده البينة فحكم بها يجب على الرعية قبوله وعليه العمل المستمر في الأعصار في أمصار المسلمين من غير نكير كما يشهد بذلك تتبع السير وفي صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع) قال إذا شهد عند الإمام شاهدان أنهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الإمام بالافطار في ذلك اليوم إذا كانوا شهدوا قبل الزوال فإن شهدوا بعد الزوال الشمس أمر الإمام بالافطار في ذلك اليوم وأخر الصلاة إلى الغد فصلى بهم ولولا تعويلهم عليه لانتفت فايدة الأمر وخلافا لبعض من عاصرناهم استنادا إلى أصالة عدم التكليف بالصوم والفطر وأصالة استصحاب جواز الفطر والصوم وهو كما ترى وإلى الروايات الحاصرة للأمر بالصوم والفطر في المروية أو الشاهدين وحكم الحاكم ليس شيئا منهما وهو ضعيف أيضا لظهور كون الحصر فيها إضافيا بالنسبة إلى الجدول والتقويم والعدد و علو الهلال وتطوقه وغيبوبته بعد الشفق وشهادة الواحد والنساء وغير ذلك من الأمارات التي ربما يركن إليها عامة الناس وقد ورد بعضها في شواذ الأخبار وعول عليها بعض القوم على أن الصوم
(١٦٦)