يريد قتالا، فوالله لا يدخلها علينا عنوة أبدا، ولا تحدث عنا بذلك العرب، ثم أرسلوا مكرز بن حفص فأجابه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما قال لبديل، ثم بعثوا إليه الحليس بن علقمة، وكان يومئذ سيد الأحابيش (1) فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن هذا من قوم يتألهون، فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه، فلما رأى الهدي يسيل عليه من عرض الوادي رجع إعظاما لما رأى، ثم أرسلوا عروة بن مسعود الثقفي فجاء وجلس بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجرى بينهما كلام طويل، وأجابه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما أجاب به أصحابه، وأخبره أنه لم يأت يريد حربا، فقام من عنده، ورأي ما يمنع به (صلى الله عليه وآله) أصحابه: لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوئه، ولا يبصق بصاقا إلا ابتدروه، ولا يسقط شئ من شعره إلا أخذوه فرجع وقال: يا معشر قريش إني قد جئت كسرى وقيصر والنجاشي في ملكهم، فوالله ما رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا، ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشئ أبدا فارءوا رأيكم (2).
وأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عثمان بن عفان إلى قريش، يخبرهم لما جاء به، وكتب إليهم معه كتابا، فأخبرهم عثمان ذلك، وبلغ المسلمين أن عثمان قد قتل، فجمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) المسلمين وبايعهم على الموت تحت الشجرة (وهو بيعة الرضوان) ولما سمعت قريش بهذه البيعة خافوا وأشار أهل الرأي منهم بالصلح ثم جاء الخبر بأن الذي