النمور (1) وقد نزلوا بذي طوى (2) يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبدا (3).
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا ويح قريش لقد أكلتهم الحرب، فماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب، فإن هم أصابوني كان ذلك الذي أرادوا، وإن أظهرني الله عليهم، دخلوا في الاسلام وافرين، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة، فما تظن قريش؟
فوالله لا أزال أجاهد على الذي بعثني الله به، حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة (4) فعدلوا عن الطريق المألوف فسلكوا طريقا غير طريق كانت قريش بها، فلما بلغت ثنية المرار بركت ناقته، فقال الناس: خلأت الناقة، فقال ما خلأت وما هو لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألونني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها (5).
ثم قال للناس: أنزلوا فنزلوا، قيل له: يا رسول الله ما بالوادي ماء ينزل عليه، فأخرج سهما من كنانته فأعطاه رجلا من أصحابه فنزل به في قليب من تلك القلب، فغرزت في جوفه فجاش بالرواء (6).
فلما اطمأن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أتاه بديل بن ورقاء في رجال من خزاعة وسألوه عن الذي جاء به، فأخبرهم أنه لم يأت يريد حربا وإنما جاء زائرا للبيت، ومعظما له، فرجعوا إلى قريش فقالوا: يا معشر قريش إنكم تعجلون على محمد، إن محمدا لم يأت لقتال، وإنما جاء زائرا لهذا البيت، فاتهموهم وجبهوهم، وقالوا: وإن كان لا