يهوي أبعد ما بعد السماء والأرض.
فإذا كان للانسان إدراك الخير والشر، وكان بحسب ما برأ الباري عز وجل طالبا للخير، ومزدجرا عن الشر، فإذا رأى في أحد كمالا نفسيا أو فضيلة أو زيادة دينا أو دنيا طار قلبه إلى رفع النقص الذي فيه فهذه الحالة هي الغبطة والمنافسة، والافراط في ذلك يورث الحسد والعياذ بالله تعالى.
" وقبضه منك بأجر كثير " بيان لكمال إكرامه سبحانه وإفضاله على الانسان حيث استودعه وديعة وأكرمه بها ثم قبضها منه بأجر كثير في استرداد الوديعة، ثم بين الأجر الكثير بقوله (صلى الله عليه وآله): " الصلاة والرحمة والهدى " إشارة إلى الآية الكريمة * (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) * البقرة: 156 جعل الله سبحانه وتعالى للصابرين الصلوات والرحمة وقال: إنهم هم المهتدون.
" الصلاة ": وهي العبادة المخصوصة وأصلها في اللغة الدعاء فسميت ببعض أجزائها قيل إن أصلها التعظيم وسميت العبادة المخصوصة صلاة لما فيها من تعظيم الرب... فأما قولنا اللهم صل على محمد فمعناه عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وتضعيف أجره ومثوبته (النهاية).
قال الراغب: قال كثير من أهل اللغة هي الدعاء والتبريك والتمجيد يقال:
صليت عليه أي: دعوت له وزكيت... والصلاة هي العبادة المخصوصة أصلها الدعاء وسميت هذه العبادة بها كتسمية الشئ ببعض ما يتضمنه... وقال بعضهم:
أصل الصلاة من الصلاء قال: ومعنى صلى الرجل أي أنه أزال عن نفسه بهذه العبادة الصلاء الذي هو نار الله الموقودة، وبناء صلى كبناء مرض لإزالة المرض (1).