التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٣٤٨
والعشي: قال قتادة: يعني صلاة الغداة وصلاة العصر، والأصيل العشي وجمعه أصائل، ويقال أصل وآصال، وهو أصل الليل أي أوله ومبدؤه، وقوله * (هو الذي يصلي عليكم وملائكته) * يترحم عليكم بايجاب الرحمة، ويصلي عليكم الملائكة بالدعاء والاستغفار، فالأول كالدعاء، والثاني دعاء. وقيل: معناه يثني عليكم بطريقة الدعاء، كقوله عليك رحمتي ومغفرتي. وقيل: معناه هو الذي يوجب عليكم الصلاة، وهي الدعاء بالخير، ويوجبه الملائكة بفعل الدعاء، وهذا مما يختلف فيه معنى صفة الله تعالى وصفة العباد، كتواب بمعنى كثير القبول للتوبة وتواب بمعنى كثير فعل التوبة. وقال الأعشى:
عليك مثل الذي صليت فاعتصمي * يوما فان لجنب المرئ مضطجعا (1) فمن رفع (مثل) فإنما دعا لها مثل ما دعت له. ومن نصب أمرها بأن تزداد من الدعاء أي عليك بمثل ما قلت. وقوله * (ليخرجكم من الظلمات إلى النور) * معناه ليخرجكم من الجهل بالله إلى معرفته، فشبه الجهل بالظلمات، والمعرفة بالنور، وإنما شبه العلم بالنور، لأنه يقود إلى الجنة، فهو كالنور. والكفر يقود إلى النار - نعوذ بالله منها - وقال ابن زيد: معناه ليخرجكم من الضلالة إلى الهدى.
ثم اخبر تعالى انه * (كان بالمؤمنين رحيما) * حين قبل توبتهم وخلصهم من العقاب إلى الثواب بما لطف لهم في فعله. وقوله * (تحيتهم يوم يلقونه سلام " أي يحيي بعضهم بعضا يوم يلقون ثواب الله بأن يقولوا السلامة لكم من جميع الآفات والفوز بنعيم ثواب الله. ولقاء الله لقاء ثوابه لا رؤيته، لأنه بمنزلة قوله

(1) ديوانه (دار بيروت) 106 وقد مر في 5 / 331 من هذا الكتاب
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»
الفهرست