4 - ومن هذه الناحية أقبل الناس إلى عمارة الأرض واستخراج ذخائرها وتركوا البدو وجاوروا الحضر، فانعقد نطف الاجتماعات العظيمة، وحصل لهم الشوكة والعظمة والجيش العظيم، والقدرة على تشكيل حكومة عظيمة وسلطة قاهرة.
5 - ربما كان الفقر الاقتصادي للفرد أو للمجتمع مانعا عن إخلاص العمل لله تعالى، بل ربما كان الرجل يقدم على قتال لعرض الدنيا، قال الله تعالى: * (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم) * فيكون قتاله للغارة والنهب والغنائم كما ذكره الله تعالى في أقوام المسلمين و * (سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم) * الفتح: 15 هذا بخلاف ما لو كان للمجاهد مال وثروة، لأن الاخلاص له أسهل وأيسر، وهو بالاقدام على القتال لله سبحانه، وابتغاء مرضاته أقدر.
رغب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في إحياء الأرض وعمارتها بالاقطاع تارة وبالقول أخرى، قال (صلى الله عليه وآله) حين سئل: أي المال بعد البقر خير: " الراسيات في الوحل، المطعمات في المحل، نعم الشئ النخل من باعه فإن ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهقة اشتدت به الريح في يوم عاصف إلا أن يخلف مكانها " (1) وسئل أي المال خير قال:
زرع زرعه صاحبه وأدى يوم حصاده " (2). وقال (صلى الله عليه وآله): " إن الله أهبط آدم إلى الأرض أمره أن يحرث بيده ليأكل من كده " وقال (صلى الله عليه وآله) عند وفاته يوصي " يا علي لا يظلم الفلاحون بحضرتك " (3) (راجع الوسائل 115: 196 و 216).