وأكد على ذم الفراغ وعدم الكسب قال أبو جعفر (عليه السلام): " إني لأبغض الرجل أن يكون كسلانا عن أمر دنياه، ومن كسل عن أمر دنياه فهو عن أمر آخرته أكسل " (1) و " لا تكسل عن معيشتك فتكون كلا على غيرك " (2) و " إن الله عز وجل يبغض كثرة النوم وكثرة الفراغ " (3) ثم حث على جمع المال من الحلال وإنفاقه في سبيل الله (4).
فبدأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذا الطريق بتربية المسلمين على أسلوب صحيح ناجح، وصرفهم عن العادات والطبائع القبيحة الجاهلية إلى الصراط المستقيم من الفلاح في الدنيا والآخرة، ومن جملة المرغبات والمشوقات للناس في هذا المنهج الاقطاع لهم وتشويقهم للحرث والزرع والغرس.
من جانب آخر أوجب الله تعالى على المسلمين الهجرة وقال: * (والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا) * الأنفال: 72 وقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد بناء المسجد لهم لاقطاع الدور للمهاجرين، ثم حثهم جميعا على الاكتساب بانحائه المختلفة من تجارة وزراعة وغرس، فأقطع لهم، وأعطى المهاجرين من أراضي الفئ كما سيأتي، وجعل لأهل المدينة سوقا فأغناهم عن سوق اليهود، وأمرهم بتعلم صنع السلاح من أسارى خيبر ولعمري هذا من أكبر الأعمال التي قام النبي (صلى الله عليه وآله) بها في بدء وروده المدينة، واهتم بها وهدى المسلمين إلى الحضارة الصحيحة الإلهية.