يحمل منه إلا قدر طاقته وقوته على عمل الأرض وعمارتها وإقبال ثمرتها، ولا يكلف شططا ولا يتجاوز به حد أصحاب الخراج من نظرائه، ولا يكلف أحد من أهل الذمة منهم الخروج مع المسلمين إلى عدوهم لملاقاة الحروب ومكاشفة الأقران، فإنه ليس على أهل الذمة مباشرة القتال، وإنما أعطوا الذمة علي على أن لا يكلفوا ذلك، وأن يكون المسلمون ذبابا عنهم وجوارا من دونهم، ولا يكرهوا على تجهيز أحد من المسلمين إلى الحرب الذي يلقون فيه عدوهم بقوة وسلاح أو خيل إلا أن يتبرعوا من تلقاء أنفسهم، فيكون من فعل ذلك منهم وتبرع به حمد عليه وعرف له وكوفي به.
ولا يجبر أحد ممن كان على ملة النصرانية كرها على الاسلام، ولا تجادلوا [أهل الكتاب] إلا بالتي هي أحسن، ويخفض لهم جناح الرحمة، ويكف عنهم أذى المكروه حيث كانوا وأين كانوا من البلاد.
وإن أجرم أحد من النصارى أو جنى جناية فعلى المسلمين نصره والمنع والذب عنه، والغرم عن جريرته، والدخول في الصلح بينه وبين من جنى عليه، فأما من عليه أو يفادى به، ولا يرفضوا ولا يخذلوا ولا يتركوا هملا، لأني أعطيتهم عهد الله على أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، وعلى المسلمين ما عليهم بالعهد الذي استوجبوا حق الذمام والذب عن الحرمة، واستوجبوا أن يذب عنهم كل مكروه حتى يكونوا للمسلمين شركاء فيما لهم وفيما عليهم.
ولا يحملوا من النكاح شططا لا يريدونه، ولا يكره أهل البنت على تزويج المسلمين ولا يضاروا في ذلك إن منعوا خاطبا وأبوا تزويجا، لأن ذلك لا يكون إلا بطيبة قلوبهم ومسامحة أهوائهم إن أحبوه ورضوا به.
إذا صارت النصرانية عند المسلم فعليه أن يرضى بنصرانيتها ويتبع هواها في الاقتداء برؤسائها والأخذ بمعالم دينها ولا يمنعها ذلك، فمن خالف ذلك وأكرهها