نووه من الغش وزينوا لأنفسهم من العداوة، وصاروا إلى حرب عوان مغالبين من عاداني وصاروا بذلك أعداء الله ورسوله وصالح المؤمنين، وصار النصارى على خلاف ذلك كله، رغبة في رعاية عهدي، ومعرفة حقي، وحفظا لما فارقوني عليه، وإعانة لمن كان من رسلي في أطراف الثغور، فاستوجبوا بذلك رأفتي ومودتي ووفائي لهم بما عاهدتهم عليه وأعطيتهم من نفسي على جميع أهل الاسلام في شرق الأرض وغربها، وذمتي ما دمت بعد وفاتي إذا أماتني الله ما نبت الاسلام وما ظهرت دعوة الحق والايمان، لازم ذلك من عهدي للمؤمنين والمسلمين ما بل بحر صوفة، وما جادت السماء بقطرة، والأرض بنبات، وما أضاءت نجوم السماء، وتبين الصبح للسارين، ما لأحد نقضه ولا تبديله ولا الزيادة فيه ولا الانتقاص منه، لأن الزيادة فيه تفسد عهدي، والانتقاص منه ينقض ذمتي، ويلزمني العهد بما أعطيت من نفسي ومن خالفني من أهل ملتي ومن نكث عهد الله عز وجل وميثاقه سارت عليه حجة الله، وكفى بالله شهيدا.
وإن السبب في ذلك ثلث (كذا) نفر من أصحابه، سألوا كتابا لجميع أهل النصرانية أمانا من المسلمين وعهدا ينجز لهم الوفاء بما عاهدوهم، وأعطيتموه إياه من نفسي، وأحببت أن استتم الصنعة في الذمة عند كل من كانت حاله حالي، وكف المؤنة عني وعن أهل دعوتي في أقطار أرض العرب، ممن انتحل اسم النصرانية وكان على مللها، وأن أجعل ذلك عهدا مرعيا وأمرا معروفا يمتثله المسلمون، ويأخذ به المؤمنون، فأحضرت رؤساء المسلمين وفاضل أصحابي وأكدت على نفسي الذي أرادوا، وكتبت لهم كتابا يحفظ عند أعقاب المسلمين من كان منهم سلطانا أو غير سلطان، فان على السلطان إنفاذ ما أمرت به، ليستعمل بموافقة الحق الوفاء والتخلي إلى من [التمس] عهدي، وإنجاز الذمة التي أعطيت من نفسي، لئلا تكون الحجة عليه مخالفة أمري، وعلى السوقة أن لا يؤذوهم، وأن يكملوا لهم العهد الذي جعلته لهم ليدخلوا معي في أبواب الوفاء، ويكونوا لي أعوانا على