وإظهاره والمعونة عليه، وكانت حجة الله ظاهرة عليهم، فلم ينكصوا على أعقابهم ولم يولوا مدبرين، وقاربوا ولبثوا ورضوه وأرفدوا وصدقوا وأبدوا قولا جميلا ورأيا محمودا وأعطوني العهود والمواثيق على تقوية ما أتيتهم به، والرد على من أبى وخالفه وانقلبوا إلى أهل دينهم ولم ينكثوا عهدهم ولم يبدلوا أمرهم، بل وفوا بما فارقوني عليه، وأتاني عنهم ما أحببت من إظهار الجميل، وحلافهم على حربهم من اليهود، والموافقة لمن كان من أهل الدعوة على إظهار أمر الله والقيام بحجته والذب عن رسله، فكسروا ما احتج به اليهود في تكذيبي ومخالفة أمري وقولي.
وأراد النصارى من تقوية أمري ونصبوا لمن كرهه، وأراد تكذيبه وتغييره ونقضه وتبديله ورده، وبعث الكتب إلي كل من كان في أقطار الأرض من سلطان العرب من وجوه المسلمين وأهل الدعوة بما كان من تجميل رأي النصارى لأمري، وذبهم عن غزاة الثغور في نواحيهم، والقيام بما فارقوني عليه وقبلته، إذ كان الأساقفة والرهبان لذلك منة قوية في الوفاء بما أعطوني من مودتهم وأنفسهم، وأكدوا من إظهار أمري والإعانة على ما ادعوا إليه وأريد إظهاره، وأن يجتمعوا في ذلك على من أنكر أو جحد شيئا منه، وأراد دفعه وإنكاره، وأن يأخذوا على يديه ويستدلوه، ففعلوا واستدلوا واجتهدوا حتى أقر بذلك مذعنا، وأجاب إليه طائعا أو مكرها، ودخل فيه منقادا [أو] مغلوبا، محاماة على ما كان بيني وبينهم، واستقامة على ما فارقوني عليه، وحرصا على تقوية أمري ومظاهرتي على دعوتي، وخالفوا في وفائهم اليهود والمشركين من قريش وغيرهم، ونزهوا نفوسهم عن رقة المطامع التي كانت اليهود تتبعها وتريدها من الأكل للربا، وطلب الرشا، وبيع ما أخذه الله عليهم بالثمن القليل: * (فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون) * (1) فاستوجب اليهود ومشركو قريش وغيرهم أن يكونوا بذلك أعداء الله ورسوله لما