يتولى حفظ ما فيه قبل أن يترهب، وأنه في جلد ثور قد اصفر مختوم بخاتمه (عليه السلام) نسخته:
" بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب أمان من الله ورسوله، للذين أوتوا الكتاب من النصارى، من كان منهم على دين نجران أو على شئ من نحل النصرانية، كتبه لهم محمد بن عبد الله رسول الله إلى الناس كافة، ذمة لهم من الله ورسوله، وعهدا عهده إلى المسلمين من بعده، عليهم أن يعوه ويعرفوه ويؤمنوا به ويحفظوه لهم، ليس لأحد من الولاة ولا لذي شيعة من السلطان وغيره نقضه، ولا تعديه إلى غيره، ولا حمل مؤونة من المؤمنين سوى الشروط المشروطة في هذا الكتاب، فمن حفظه ورعاه ووفى بما فيه، فهو على العهد المستقيم، والوفاء بذمة رسول الله، ومن نكثه وخالفه إلى غيره وبدله فعليه وزره، وقد خان أمان الله ونكث عهده وعصاه وخالف رسوله، وهو عند الله من الكاذبين، لأن الذمة واجبة في دين الله المفترض، وعهده المؤكد، فمن لم يرع خالف حرمها ومن خالف حرمها فلا أمانة له، وبرئ الله منه وصالح المؤمنين.
فأما السبب الذي استوجب أهل النصرانية الذمة من الله ورسوله والمؤمنين فحق لهم لازم لمن كان مسلما، وعهد مؤكد لهم على أهل هذه الدعوة ينبغي للمسلمين رعايته، والمعونة به، وحفظه، والمواظبة عليه، والوفاء به، إذ كان جميع أهل الملل والكتب العتيقة أهل عداوة لله ورسوله، وإجماع بالبغضاء والجحد للصفة المنعوتة في كتاب الله من توكيده عليهم في حال نبيه، وذلك يؤذن عن غش صدورهم وسوء مأخذهم وقساوة قلوبهم بأن عملوا أوزارهم وحملوها وكتموا ما أكده الله عليهم فيها بأن يظهروه ولا يكتموه، ويعرفوه ولا يجحدوه، فعملت الأمم بخلاف ما كانت الحجة به عليهم، فلم يرعوه حق رعايته، ولم يأخذوا في ذلك بالآثار المحدودة، وأجمعوا على العداوة لله ورسوله والتأليب عليهم، والتزيين