وينقسم من وجه آخر إلى ما هو مشهور بين أهل الحديث وغيرهم كقوله صلى الله عليه وسلم المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده وأشباهه وإلى ما هو مشهور بين أهل الحديث خاصة دون غيرهم كالذي رويناه عن محمد بن عبد الله الأنصاري عن سليمان التيمي عن أبي مجلز عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرا بعد الركوع يدعو على رعل وذكوان فهذا مشهور بين أهل الحديث مخرج في الصحيح وله رواه عن أنس غير أبي مجلز ورواه عن أبي مجلز غير التيمي ورواه عن التيمي غير الأنصاري ولا يعلم ذلك إلا أهل الصنعة وأما غيرهم فقد يستغربونه من حيث أن التيمي يروي عن أنس وهو ههنا يروي عن واحد عن أنس ومن المشهور المتواتر الذي يذكره أهل الفقه وأصوله وأهل الحديث لا يذكرونه باسمه الخاص المشعر بمعناه الخاص وإن كان الحافظ الخطيب قد ذكره ففي كلامه ما يشعر بأنه اتبع فيه غير أهل الحديث ولعل ذلك لكونه لا تشمله صناعتهم ولا يكاد يوجد في رواياتهم فإنه عبارة عن الخبر الذي ينقله من يحصل العلم بصدقه ضرورة ولا بد في إسناده من استمرار هذا الشرط في رواته من أوله إلى منتهاه ومن سئل عن ابراز مثال لذلك فيما يروي من الحديث أعياه تطلبه وحديث إنما الأعمال بالنيات ليس من ذلك بسبيل وإن نقله عدد التواتر وزيادة لان ذلك طرأ عليه في وسط إسناده ولم يوجد في أوائله على ما سبق ذكره نعم حديث من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار نراه مثالا لذلك فإنه نقله من الصحابة رضي الله عنهم العدد الجم وهو في الصحيحين مروي عن جماعة منهم وذكر أبو بكر البزار الحافظ الجليل في مسنده أنه رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو من أربعين رجلا من الصحابة وذكر بعض الحفاظ أنه رواه عنه صلى الله عليه وسلم اثنان وستون نفسا من الصحابة وفيهم
(١٦٢)