على ذلك، ويؤيد الاحتمال الأول قوله في آخر الحديث: صوموا قبله يوما وبعده يوما فإنه صريح في مشروعية ضم اليومين إلى يوم عاشوراء. وقد أخرج الحديث المذكور بمثل اللفظ الذي رواه أحمد البيهقي وذكره في التلخيص وسكت عنه، وقال بعض أهل العلم: إن قوله صمنا التاسع يحتمل أنه أراد نقل العاشر إلى التاسع، وأنه أراد أن يضيفه إليه في الصوم، فلما توفي قبل ذلك كان الاحتياط صوم اليومين انتهى.
والظاهر أن الأحوط صوم ثلاثة أيام التاسع والعاشر والحادي عشر، فيكون صوم عاشوراء على ثلاث مراتب: الأولى صوم العاشر وحده. والثانية صوم التاسع معه.
والثالثة صوم الحادي عشر معهما، وقد ذكر معنى هذا الكلام صاحب الفتح. قوله:
يعني يوم عاشوراء قد تقدم تأويل كلام ابن عباس بأن يوم عاشوراء هو اليوم التاسع، وتأوله النووي بأنه مأخوذ من إظماء الإبل، فإن العرب تسمي اليوم الخامس من أيامه رابعا، وكذا باقي الأيام، وعلى هذه النسبة فيكون التاسع عاشرا، قال: وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف أن عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم ممن قال بذلك سعيد بن المسيب والحسن البصري ومالك وأحمد وإسحاق وخلائق، قال: وهذا ظاهر الأحاديث ومقتضى اللفظ، وأما تقدير أخذه من الاظماء فبعيد، انتهى.
باب ما جاء في صوم شعبان والأشهر الحرم عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يصوم من السنة شهرا تاما إلا شعبان يصل رمضان رواه الخمسة. ولفظ ابن ماجة: كان يصوم شهري شعبان ورمضان. وعن عائشة قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصوم أكثر من شعبان فإنه كان يصومه كله. وفي لفظ: ما كان يصوم في شهر ما كان يصوم في شعبان، كان يصومه إلا قليلا بل كان يصومه كله.
وفي لفظ: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان متفق على ذلك كله.
حديث أم سلمة حسنه الترمذي. قوله: شهرا تاما إلا شعبان وكذا قول عائشة: فإنه كان يصومه كله. وقولها: بل كان يصومه كله، ظاهره يخالف قول عائشة: كان