كانوا يخرجون منها صاعا لما قال الرجل أو مدين من قمح. وقد أشار أيضا أبو داود إلى أن ذكر الحنطة فيه غير محفوظ. قوله: حتى قدم معاوية زاد مسلم: حاجا أو معتمرا وكلم الناس على المنبر وزاد ابن خزيمة: وهو يومئذ خليفة. قوله: من سمراء الشام بفتح السين المهملة وإسكان الميم وبالمد هي القمح الشامي. قال النووي:
تمسك بقول معاوية من قال بالمدين من الحنطة وفيه نظر، لأنه فعل صحابي قد خالف فيه أبو سعيد وغيره ممن هو أطول صحبة منه وأعلم بحال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد صرح بأنه رأي رآه لا أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قال ابن المنذر: لا نعلم في القمح خبرا ثابتا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعتمد عليه، ولم يكن البر بالمدينة في ذلك الوقت إلا الشئ اليسير منه، فلما كثر في زمن الصحابة رأوا أن نصف صاع منه يقوم مقام صاع من الشعير وهم الأئمة، فغير جائز أن يعدل عن قولهم إلا إلى قول مثلهم، ثم أسند عن عثمان وعلي وأبي هريرة وجابر وابن عباس وابن الزبير وأمه أسماء بنت أبي بكر بأسانيد. قال الحافظ: صحيحة أنهم رأوا أن في زكاة الفطر نصف صاع من قمح انتهى، وهذا مصير منه إلى اختيار ما ذهب إليه الحنفية، لكن حديث أبي سعيد دال على أنه لم يوافق على ذلك، وكذلك ابن عمر، فلا إجماع في المسألة. قوله: لم يذكر لفظة أو يعني لم يذكر حرف التخيير في شئ من طرق الحديث. قوله: أو صاعا من أقط بفتح الهمزة وكسر القاف وهو لبن يابس غير منزوع الزبد. وقال الأزهري: يتخذ من اللبن المخيض يطبخ ثم يترك حتى ينصل.
وقد اختلف في إجزائه على قولين: أحدهما أنه لا يجزئ لأنه غير مقتات، وبه قال أبو حنيفة إلا أنه جاز إخراجه بدلا عن القيمة على قاعدته. والقول الثاني أنه يجزئ وبه قال مالك وأحمد وهو الراجح لهذا الحديث الصحيح من غير معارض.
وروي عن أحمد أنه يجزئ مع عدم وجدان غيره، وزعم الماوردي أنه يجزئ عن أهل البادية دون أهل الحاضرة فلا يجزئ عنهم بلا خلاف، وتعقبه النووي فقال: قطع الجمهور بأن الخلاف في الجميع. قوله: إلا صاعا من دقيق ذكر الدقيق ثابت في سنن أبي داود من حديث أبي سعيد أيضا، ولكنه قال أبو داود: إن ذكر الدقيق وهم من ابن عيينة. وقد روى ذلك ابن خزيمة من حديث ابن عباس: قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تؤدى زكاة رمضان صاعا من طعام عن الصغير والكبير،