فيما دون خمسة أوسق صدقة مخصص لعموم حديث جابر المتقدم في أول الباب. ولحديث ابن عمر المذكور بعده لأنهما يشملان الخمسة الأوسق وما دونها، وحديث أبي سعيد هذا خاص بقدر الخمسة الأوسق فلا تجب الزكاة فيما دونها، وإلى هذا ذهب الجمهور. وذهب ابن عباس وزيد بن علي والنخعي وأبو حنيفة إلى العمل بالعام فقالوا: تجب الزكاة في القليل والكثير ولا يعتبر النصاب، وأجابوا عن حديث الأوساق بأنه لا ينتهض لتخصيص حديث العموم لأنه مشهور وله حكم المعلوم، وهذا إنما يتم على مذهب الحنفية القائلين بأن دلالة العموم قطعية، وأن العمومات القطعية لا تخصص بالظنيات، ولكن ذلك لا يجري فيما نحن بصدده، فإن العام والخاص ظنيان كلاهما، والخاص أرجح دلالة وإسنادا، فيقدم على العام تقدم أو تأخر أو قارن على ما هو الحق من أنه يبنى العام على الخاص مطلقا، وهكذا يجب البناء إذا جهل التاريخ، وقد قيل: إن ذلك إجماع، والظاهر أن مقام النزاع من هذا القبيل. وقد حكى ابن المنذر الاجماع، على أن الزكاة لا تجب فيما دون خمسة أوسق مما أخرجت الأرض، إلا أن أبا حنيفة قال: تجب في جميع ما يقصد بزراعته نماء الأرض إلا الحطب والقضب والحشيش والشجر الذي ليس له ثمر انتهى. وحكى عياض عن داود أن كل ما يدخله الكيل يراعى فيه النصاب، وما لا يدخل فيه الكيل ففي قليله وكثيره الزكاة وهو نوع من الجمع. وقال ابن العربي:
أقوى المذاهب وأحوطها للمساكين قول أبي حنيفة وهو التمسك بالعموم انتهى.
وههنا مذهب ثالث حكاه صاحب البحر عن الباقر والصادق أنه يعتبر النصاب في التمر والزبيب والبر والشعير إذ هي المعتادة فانصرف إليها، وهو قصر للعام على بعض ما يتناوله بلا دليل.
وعن عطاء بالسائب قال: أراد عبد الله بن المغيرة أن يأخذ من أرض موسى بن طلحة من الخضراوات صدقة، فقال له موسى بن طلحة: ليس لك ذلك إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: ليس في ذلك صدقة رواه الأثرم في سننه. وهو من أقوى المراسيل لاحتجاج من أرسله به.
الحديث أخرجه أيضا الدارقطني والحاكم من حديث إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عمه موسى بن طلحة عن معاذ بلفظه. وأما القثاء والبطيخ والرمان والقضب فعفو عفا عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال الحافظ: وفيه ضعف وانقطاع. وروى