ليلة أقربكم فيه أن الأحق بغسل الميت من الناس الأقرب إلى الميت، بشرط أن يكون عالما بما يحتاج إليه من العلم، وقد قال بتقديم القريب على غيره الامام يحيى. قوله: فمن ترون عنده حظا من ورع وأمانة فيه دليل لما ذهبت إليه الهادوية من اشتراط العدالة في الغاسل وخالفهم الجمهور، فإن صح هذا الحديث فذاك، وإلا فالظاهر عدم اختصاص هذه القربة بمن ليس فاسقا، لأنه مكلف بالتكاليف الشرعية، وغسل الميت من جملتها، وإلا لزم عدم صحة كل تكليف شرعي منه، وهو خلاف الاجماع، ودعوى صحة بعضها دون بعض بغير دليل تحكم. وقد حكى المهدي في البحر الاجماع على أن غسل الميت واجب على الكفاية. وكذلك حكى الاجماع النووي، وناقش دعوى الاجماع صاحب ضوء النهار مناقشة واهية حاصلها أنه لا مستند له إلا أحاديث الفعل، وهي لا تفيد الوجوب، وأحاديث الامر بغسل الذي وقصته ناقته، والامر بغسل ابنته صلى الله عليه وآله وسلم، والامر مختلف في كونه للوجوب أو للندب، ورد كلامه بأنه إن ثبت الاجماع على الوجوب فلا يضر جهل المستند، ويرد أيضا بأن الاختلاف في كون الامر للوجوب لا يستلزم الاختلاف في كل مأمور به، لأنه ربما شهدت لبعض الأوامر قرائن يستفاد منها وجوبه، وهذا مما لا يخالف فيه القائل بأن الامر ليس للوجوب، لأن محل الخلا ف الامر المجرد كما تقرر في الأصول، نعم قال في الفتح، وقد نقل النووي الاجماع على أن غسل الميت فرض كفاية وهو ذهول شديد، فإن الخلاف مشهور جدا عند المالكية على أن القرطبي رجح في شرح مسلم أنه سنة ولكن الجمهور على وجوبه، وقد رد ابن العربي على من لم يقل بذلك وقال: قد توارد به القول والعمل انتهى. وهكذا فليكن التعقب لدعوى الاجماع. قوله: إن كسر عظم الميت الخ فيه دليل على وجوب الرفق بالميت في غسله وتكفينه وحمله وغير ذلك، لأن تشبيه كسر عظمه بكسر عظم الحي إن كان في الاثم فلا شك في التحريم، وإن كان في التألم، فكما يحرم تأليم الحي يحرم تأليم الميت، وقد زاد ابن ماجة من حديث أم سلمة لفظ: في الاثم فيتعين الاحتمال الأول.
قوله: من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة فيه الترغيب في ستر عورات المسلم، وظاهره عدم الفرق بين الحي والميت، فيدخل في عمومه ستر ما يراه الغاسل ونحوه من الميت، وكراهة إفشائه والتحدث به، وأيضا قد صح أن الغيبة هي ذكرك لأخيك