القاضي: العلتان صحيحتان، قال: والظاهر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قصدهما معا، قال:
وقد قيل غير هذا. قوله: إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك يدل على أنه لا بأس به في وقت الضرورة. (وقد اختلف) العلماء في الدفن بالليل فكرهه الحسن البصري إلا لضرورة، وقال جماعة العلماء من السلف والخلف لا يكره واستدلوا بأن أبا بكر الصديق وجماعة من السلف دفنوا ليلا من غير إنكار. وبحديث المرأة السوداء أو الرجل الذي كان يقم المسجد فتوفي بالليل فدفنوه ليلا، وسألهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه فقالوا: توفي فدفناه في الليل فقال: ألا آذنتموني؟ قالوا: كانت ظلمة، ولم ينكر عليهم أخرجه البخاري. وسيأتي في باب الدفن ليلا، وأجابوا عن حديث الباب بأن النهي كان لترك الصلاة لا لمجرد الدفن بالليل أو عن إساءة الكفن أو عن المجموع، وتأتي بقية الكلام إن شاء الله في باب الدفن ليلا.
وعن عائشة: أن أبا بكر نظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه به ردع من زعفران فقال: اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيها، قلت: إن هذا خلق، قال: إن الحي أحق بالجديد من الميت إنما هو للمهلة مختصر من البخاري.
قوله: به ردع بسكون المهملة بعدها عين مهملة أي لطخ لم يعمه كله. قوله:
وزيدوا عليه ثوبين في رواية جديدين. قوله: فكفنوني فيها رواية أبي ذر فيهما. وفسر الحافظ ضمير المثنى بالمزيد والمزيد عليه، وفي رواية غير أبي ذر فيها كما وقع عند المصنف. قوله: خلق بفتح المعجمة واللام أي غير جديد. وفي رواية عند ابن سعد: ألا نجعلها جددا كلها؟ قال: لا. وظاهره أن أبا بكر كان يرى عدم المغالاة في الأكفان ويؤيده قوله: إنما هو للمهلة. وروى أبو داود من حديث علي عليه السلام مرفوعا: لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سريعا. ولا يعارضه حديث جابر في الامر بتحسين الكفن كما تقدم، فإنه يجمع بينهما بحمل التحسين على الصفة، وحمل المغالاة على الثمن. وقيل: التحسين حق للميت، فإذا أوصى بتركه اتبع كما فعل الصديق، ويحتمل أن يكون اختار ذلك الثوب بعينه لمعنى فيه من التبرك، لكونه صار إليه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو لكونه قد كان جاهد فيه أو تعبد فيه.
ويؤيده ما رواه ابن سعد من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر قال: أبو بكر: