نوع آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى بذي قرد فصف الناس خلفه صفين: صفا خلفه، وصفا موازي العدو فصلى بالذين خلفه ركعة، ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا ركعة رواه النسائي. وعن ثعلبة بن زهدم رضي الله عنه قال: كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان فقال: أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا، فصلى بهؤلاء ركعة وبهؤلاء ركعة ولم يقضوا رواه أبو داود والنسائي. وروى النسائي بإسناده عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاة حذيفة، كذا قال. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فرض الله الصلاة على نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم في الحضر أربعا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.
حديث ابن عباس الأول ساقه النسائي بإسناد رجاله ثقات، وقد احتج به الحافظ في الفتح وليتكلم عليه. وقال الشافعي لا يثبت، واعترض عليه الحافظ بأنه قد صححه ابن حبان وغيره. وحديث ثعلبة بن زهدم سكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في التلخيص ورجال إسناده رجال الصحيح. وحديث زيد بن ثابت أخرجه أيضا أبو داود وابن حبان ويشهد للجميع حديث ابن عباس المذكور. (وفي الباب) عن جابر عند النسائي. وعن ابن عمر عند البزار بإسناد ضعيف قال: قال صلى الله عليه وآله وسلم: صلاة الخوف ركعة على أي وجه كان. وأحاديث الباب تدل على أن من صفة صلاة الخوف الاقتصار على ركعة لكل طائفة، قال في الفتح: وبالاقتصار على ركعة واحدة في الخوف يقول الثوري وإسحاق ومن تبعهما، وقال به أبو هريرة وأبو موسى الأشعري وغير واحد من التابعين، ومنهم من قيد بشدة الخوف، وقال الجمهور: قصر الخوف قصر هيئة لا قصر عدد، وتأولوا هذه الأحاديث بأن المراد بها ركعة مع الامام وليس فيها نفي الثانية، ويرد ذلك قوله في حديث ابن عباس: ولم يقضوا ركعة وكذا قوله في حديث حذيفة: ولم يقضوا.