يعقرون الإبل على قبر الرجل الجواد يقولون: نجازيه على فعله لأنه كان يعقرها في حياته فيطعمها الأضياف، فنحن نعقرها عند قبره حتى تأكلها السباع والطير، فيكون مطعما بعد مماته، كما كان مطعما في حياته، قال: ومنهم من كان يذهب في ذلك إلى أنه إذا عقرت راحلته عند قبره حشر في القيامة راكبا، ومن لم يعقر عنده حشر راجلا انتهى.
وهذا إنما يتم على فرض أنهم كانوا يعقرون الإبل فقط لا على ما نقله أبو داود عن عبد الرزاق أنهم كانوا يعقرون عند القبر بقرة أو شاة.
باب ما جاء في البكاء على الميت وبيان المكروه منه عن جابر قال: أصيب أبي يوم أحد فجعلت أبكي فجعلوا ينهوني ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا ينهاني، فجعلت عمتي فاطمة تبكي، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم تبكين أو لا تبكين ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه متفق عليه. وعن ابن عباس قال: ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبكت النساء فجعل عمر يضربهن بسوطه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيده وقال: مهلا يا عمر ثم قال: إياكن ونعيق الشيطان، ثم قال: إنه مهما كان من العين والقلب فمن الله عز وجل ومن الرحمة، وما كان من اليد واللسان فمن الشيطان رواه أحمد.
حديث ابن عباس فيه علي بن زيد وفيه كلام وهو ثقة، وقد أشار إلى الحديث الحافظ في التلخيص وسكت عنه. قوله: فجعلت أبكي في لفظ للبخاري: فجعلت أكشف الثوب عن وجهه أبكى وفي لفظ آخر له: فذهبت أريد أن أكشف عنه فنهاني قومي، ثم ذهبت أكشف عنه فنهاني قومي. قوله: ينهوني في رواية للبخاري:
وينهوني. قوله: ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا ينهاني فيه دليل على جواز البكاء الذي لا صوت معه وسيأتي تحقيق ذلك. قوله: فجعلت عمتي فاطمة تبكي قال في الفتح: هي شقيقة أبيه عبد الله بن عمرو. وفي لفظ للبخاري: فسمع صوت نائحة فقال: من هذه؟ فقالوا: بنت عمرو أو أخت عمرو والشك من سفيان، والصواب بنت عمرو، ووقع في الإكليل للحاكم تسميتها هند بنت عمرو، فلعل لها اسمين، أو