والحر والمملوك، من أدى سلتا قبل منه، وأحسبه قال: من أدى دقيقا قبل منه، ومن أدى سويقا قبل منه، ورواه الدارقطني، ولكن قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن هذا الحديث فقال: منكر لأن ابن سيرين لم يسمع من ابن عباس. وقد استدل بذلك على جواز إخراج الدقيق كما يجوز إخراج السويق، وبه قال أحمد وأبو قاسم الأنماطي لأنه مما يكال وينتفع به الفقير، وقد كفي فيه الفقير مؤنة الطحن. وقال الشافعي ومالك: إنه لا يجزئ إخراجه لحديث ابن عمر المتقدم، ولان منافعه قد نقصت، والنص ورد في الحب وهو يصلح لما لا يصلح له الدقيق والسويق. قوله: من سلت بضم السين المهملة وسكون اللام بعدها مثناة فوقية ونوع من الشعير وهو كالحنطة في ملاسته، وكالشعير في برودته وطبعه. والروايات المذكورة في الباب تدل على أن الواجب من هذه الأجناس المنصوصة في الفطرة صاع، ولا خلاف في ذلك إلا في البر والزبيب. وقد ذهب أبو سعيد وأبو العالية وأبو الشعثاء والحسن البصري وجابر بن زيد والشافعي ومالك وأحمد وإسحاق والهادي والقاسم والناصر والمؤيد بالله إلى أن البر والزبيب كذلك يجب من كل واحد منهما صاع، وقال من تقدم ذكره من الصحابة في كلام ابن المنذر، وزاد في البحر: أبا بكر، وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه وزيد بن علي والامام يحيى أن الواجب نصف صاع منهما، والقول الأول أرجح لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرض صدقة الفطر صاعا من طعام، والبر مما يطلق عليه اسم الطعام إن لم يكن غالبا فيه كما تقدم، وتفسيره بغير البر إنما هو لما تقدم من أنه لم يكن معهودا عندهم، فلا يجزئ دون الصاع منه، ويمكن أن يقال: إن البر على تسليم دخوله تحت لفظ الطعام مخصص بما أخرجه الحاكم من حديث ابن عباس مرفوع بلفظ: صدقة الفطر مدان من قمح وأخرج نحوه الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا أيضا. وأخرج نحوه الدارقطني من حديث عصمة بن مالك وفي إسناده الفضل بن المختار وهو ضعيف، وأخرج أبو داود والنسائي عن الحسن مرسلا بلفظ:
فرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الصدقة صاعا من تمر أو من شعير أو نصف صاع من قمح. وأخرج أبو داود من حديث عبد الله بن ثعلبة أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صدقة الفطر صاع من بر أو قمح عن كل اثنين. وأخرج سفيان الثوري في جامعه عن علي عليه السلام موقوفا