عبد البر عنه. وعن النخعي إيجاب القضاء في الفرض دون التطوع. ونقل الماوردي أن هذا الاختلاف كله إنما هو في حق الجنب، وأما المحتلم فأجمعوا على أنه يجزئه.
وتعقبه الحافظ بما أخرجه النسائي بإسناد صحيح عن أبي هريرة أنه أفتى من أصبح جنبا من احتلام أن يفطر. وفي رواية أخرى عنه عند النسائي أيضا: من احتلم من الليل أو واقع أهله ثم أدركه الفجر ولم يغتسل فلا يصم. وأجاب القائلون بأن من أصبح جنبا يفطر عن أحاديث الباب بأجوبة: منها أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وآله وسلم، ورده الجمهور بأن الخصائص لا تثبت إلا بدليل، وبأن حديث عائشة المذكور في أول الباب يقتضي عدم اختصاصه صلى الله عليه وآله وسلم بذلك.
وجمع بعضهم بين الحديثين بأن الامر في حديث أبي هريرة أمر إرشاد إلى الأفضل، فإن الأفضل أن يغتسل قبل الفجر فلو خالف جاز، فيحمل حديث عائشة على بيان الجواز. وقد نقل النووي هذا الجمع عن أصحاب الشافعي، وتعقبه الحافظ بأن الذي نقله البيهقي وغيره عن أصحاب الشافعي هو سلوك طريقة الترجيح. وعن ابن المنذر وغيره سلوك النسخ، وبالنسخ قال الخطابي. وقواه ابن دقيق العيد بأن قوله تعالى: * (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) * (البقرة: 187) يقتضي إباحة الوطئ في ليلة الصيام، ومن جملتها الوقت المقارن لطلوع الفجر، فيلزم إباحة الجماع فيه، ومن ضرورته أن يصبح فاعل ذلك جنبا ولا يفسد صومه. ويقوي ذلك أن قول الرجل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر يدل على أن ذلك كان بعد نزول الآية، وهي إنما نزلت عام الحديبية سنة ست، وابتداء فرض الصيام كان في السنة الثانية، ويؤيد دعوى النسخ رجوع أبي هريرة عن الفتوى بذلك كما في رواية للبخاري أنه لما أخبر بما قالت أم سلمة وعائشة فقال:
هما أعلم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وفي رواية ابن جريج: فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك، وكذا وقع عند النسائي أنه رجع، وكذا عند ابن أبي شيبة.
وفي رواية للنسائي: أن أبا هريرة أحال بذلك على الفضل بن عباس، ووقع نحو ذلك في البخاري وقال: إنه حدثه بذلك الفضل. وفي رواية أنه قال: حدثني بذلك أسامة. وأما ما أخرجه ابن عبد البر عن أبي هريرة أنه قال: كنت حدثتكم من أصبح جنبا فقد أفطر وأن ذلك من كيس أبي هريرة فقال الحافظ: لا يصح ذلك عن أبي هريرة لأنه من رواية