التخيير يكون المعنى: أن الانسان إذا حصل له أكلة في النهار غداء أو عشاء كفته واستغنى بها. وعلى رواية الجمع يكون المعنى: أنه إذا حصل له في يومه أكلتان كفتاه. قوله:
خدوشا بضم الخاء المعجمة جمع خدش وهو خمش الوجه بظفر أو حديدة أو نحوهما. قوله:
أو كدوشا بضم الكاف والدال المهملة وبعد الواو شين معجمة جمع كدش وهو الخدش. قوله: أو حسابها من الذهب هذه رواية أحمد، ورواية أبي داود: أو قيمتها من الذهب. وهذه الأحاديث الثلاثة قد استدل بكل واحد منها طائفة من المختلفين في حد الغنى، وقد تقدم بيان ذلك، ويجمع بينها بأن القدر الذي يحرم السؤال عنده هو أكثرها وهي الخمسون عملا بالزيادة.
وعن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن المسألة كد يكد بها الرجل وجهه إلا أن يسأل الرجل سلطانا أو في أمر لا بد منه رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه. وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره فيتصدق منه ويستغني به عن الناس خير له من أن يسأل رجلا أعطاه أو منعه متفق عليه. وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمرا فليستقل أو ليستكثر رواه أحمد ومسلم وابن ماجة.
قوله: كد هذا لفظ الترمذي وابن حبان في صحيحه. ولفظ أبي داود: كدوح وهي آثار الخموش. قوله: إلا أن يسأل الرجل سلطانا فيه دليل على جواز سؤال السلطان من الزكاة أو الخمس أو بيت المال أو نحو ذلك، فيخص به عموم أدلة تحريم السؤال. قوله:
أو في أمر لا بد منه فيه دليل على جواز المسألة عند الضرورة والحاجة التي لا بد عندها من السؤال، نسأل الله السلامة. قوله: وعن أبي هريرة الخ، فيه الحث على التعفف عن المسألة والتنزه عنها، ولو امتهن المرء نفسه في طلب الرزق وارتكب المشقة في ذلك، ولولا قبح المسألة في نظر الشرع لم يفضل ذلك عليها، وذلك لما يدخل على السائل من ذل السؤال ومن ذل الرد إذا لم يعط، ولما يدخل على المسؤول من الضيق في ماله إن أعطى كل سائل. وأما قوله: خير له فليست بمعنى أفعل التفضيل، إذ لا خير في السؤال مع القدرة على الاكتساب، والأصح عند الشافعية أن سؤال من هذا حاله حرام، ويحتمل أن يكون المراد بالخير فيه بحسب اعتقاد السائل، وتسمية الذي يعطاه خيرا