من جعل شيئا من ماله جاز له صرفه في تجهيز الحجاج والمعتمرين، وإذا كان شيئا مركوبا جاز حمل الحاج والمعتمر عليه، وتدل أيضا على أنه يجوز صرف شئ من سهم سبيل الله من الزكاة إلى قاصدين الحج والعمر.
باب ما يذكر في استيعاب الأصناف عن زياد بن الحرث الصدائي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبايعته، فأتى رجل فقال: أعطني من الصدقة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو فجزأها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك رواه أبو داود. ويروى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لسلمة بن صخر: اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له فليدفعها إليك.
حديث زياد بن الحرث الصدائي في إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي وقد تكلم فيه غير واحد. وحديث سلمة بن صخر له طرق وروايات يأتي ذكر بعضها في الصيام وهذه إحداها. وقد أخرجها بهذا اللفظ أحمد في مسنده بإسناد فيه محمد بن إسحاق ولم يصرح بالتحديث، ومع هذا فهذه الرواية تعارض ما سيأتي من الروايات الصحيحة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعانه بعرق من تمر من طريق جماعة من الصحابة، وإنما أورد المصنف هذه الرواية ههنا للاستدلال بها على أن الصرف فيمن لزمته كفارة من الزكاة جائز. قوله: فجزأها بتشديد الزاي، وهذا الحديث مع الآية يرد على المزني وأبي حفص بن الوكيل من أصحاب الشافعي حيث قالا: إنه لا يصرف خمس الزكاة إلى من يصرف إليه خمس الفئ والغنيمة، ويرد أيضا على أبي حنيفة والثوري والحسن البصري حيث قالوا: يجوز صرفها إلى بعض الأصناف الثمانية، حتى قال أبو حنيفة: يجوز صرفها إلى الواحد، وعلى مالك حيث قال: يدفعها إلى أكثرهم حاجة، أي لأن كل الأصناف يدفع إليهم للحاجة، فواجب اعتبار أمسهم حاجة.