باب النهي عن النياحة والندب وخمش الوجوه ونشر الشعر ونحوه والرخصة في يسير الكلام من صفة الميت عن ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوة الجاهلية. وعن أبي بردة قال: وجع أبو موسى وجعا فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله، فصاحت امرأة من أهله فلم يستطع أن يرد عليها شيئا فلما أفاق قال: أنا برئ ممن برئ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة. وعن المغيرة بن شعبة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إنه من نيح عليه يعذب بما نيح عليه. وعن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الميت يعذب ببكاء الحي. وفي رواية: ببعض بكاء أهله عليه. وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الميت يعذب ببكاء أهله. وعن عائشة قالت: إنما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه متفق على هذه الأحاديث. ولأحمد ومسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: الميت يعذب في قبره بما نيح عليه.
قوله: ليس منا أي من أهل سنتنا وطريقتنا، وليس المراد به إخراجه من الدين، وفائدة إيراد هذا اللفظ المبالغة في الردع عن الوقوع في مثل ذلك كما يقول الرجل لولده عند معاتبته:
لست منك ولست مني، أي ما أنت على طريقتي. وحكي عن سفيان أنه كان يكره الخوض في تأويل هذه اللفظة ويقول: ينبغي أن نمسك عن ذلك ليكون أوقع في النفوس وأبلغ في الزجر، وقيل: المعنى ليس على ديننا الكامل أي إنه خرج من فرع من فروع الدين، وإن كان معه أصله، حكاه ابن العربي، قال الحافظ: ويظهر لي أن هذا النفي يفسره التبرء الذي في حديث أبي موسى، وأصل البراءة الانفصال من الشئ، وكأنه توعده بأن لا يدخله في شفاعته مثلا. قوله: من ضرب الخدود خص الخد بذلك لكونه الغالب وإلا فضرب بقية الوجه مثله. قوله: وشق الجيوب جمع جيب بالجيم وهو ما يفتح من الثوب ليدخل فيه الرأس، والمراد بشقه إكمال