تطوعا أن يفطر لا سيما إذا كان في دعوة إلى طعام أحد من المسلمين. ويدل على أنه يستحب للمتطوع القضاء لذلك اليوم. وقد ذهب إلى ذلك الجمهور من أهل العلم. وحكى الترمذي عن قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنهم رأوا عليه القضاء إذا أفطر، قال: وهو قول مالك بن أنس. واستدلوا بحديث عائشة المذكور.
وبحديث أبي سعيد في الباب وأجيب عن ذلك بما في حديث أم هانئ من التخيير، فيجمع بينه وبين حديث عائشة وأبي سعيد بحمل القضاء على الندب، ويدل على جواز الافطار وعدم وجوب القضاء حديث أبي جحيفة المتقدم، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرر ذلك، ولم يبين لأبي الدرداء وجوب القضاء عليه، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. قال ابن المنير: ليس في تحريم الاكل في صوم النفل من غير عذر إلا الأدلة العامة كقوله تعالى: * (ولا تبطلوا أعمالكم) * (محمد: 33) إلا أن الخاص يقدم على العام كحديث سلمان، وقال ابن عبد البر: من احتج في هذا بقوله تعالى: * (ولا تبطلوا أعمالكم) * (محمد: 33) فهو جاهل بأقوال أهل العلم، فإن الأكثر على أن المراد بذلك النهي عن الرياء كأنه قال: لا تبطلوا أعمالكم بالرياء بل أخلصوها لله. وقال آخرون: لا تبطلوا أعمالكم بارتكاب الكبائر، ولو كان المراد بذلك النهي عن إبطال ما لم يفرض الله عليه ولا أوجب على نفسه بنذر أو غيره لامتنع عليه الافطار إلا بما يبيح الفطر من الصوم الواجب وهم لا يقولون بذلك انتهى. ولا يخفى أن الآية عامة، والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما تقرر في الأصول، والصواب ما قال ابن المنير. قوله: لا عليكما فيه دليل على أنه يجوز لمن كان صائما عن قضاء أن يفطر ولا إثم عليه لأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يستفصل هل الصوم قضاء أو تطوع؟ ويؤيد ذلك قوله في حديث أم هانئ: إن كان قضاء من رمضان فأقضي يوما مكانه. قوله: يعني هذه اللفظة ليست في متن الحديث.
باب ما جاء في استقبال رمضان باليوم واليومين وغير ذلك عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صوما فليصمه