يوم شك، وأيضا الاحتجاج بذلك على فرض أنه عليه السلام استحب صوم يوم الشك من غير نظر إلى شهادة الشاهد، إنما يكون حجة على من قال بأن قوله حجة، على أنه قد روي عنه القول بكراهة صومه، حكى ذلك عنه صاحب الهدى. قال ابن عبد البر:
وممن روى عنه كراهة صوم يوم الشك عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعمار، وابن مسعود، وحذيفة، وابن عباس، وأبو هريرة، وأنس بن مالك. (والحاصل) أن الصحابة مختلفون في ذلك، وليس قول بعضهم بحجة على أحد، والحجة ما جاءنا عن الشارع وقد عرفته، وقد استوفيت الكلام على هذه المسألة في الأبحاث التي كتبتها على رسالة الجلال، وسيأتي الكلام على استقبال رمضان بيوم أو يومين في آخر الكتاب إن شاء الله تعالى.
باب الهلال إذا رآه أهل بلدة هل يلزم بقية البلاد الصوم عن كريب: أن أم الفضل بعثته إلى معاوية بالشام فقال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل علي رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجة.
قوله: واستهل علي رمضان هو بضم التاء من استهل قاله النووي. قوله: أفلا تكتفي شك أحد رواته هل هو بالخطاب لابن عباس أو بنون الجمع للمتكلم؟. وقد تمسك بحديث كريب هذا من قال: إنه لا يلزم أهل بلد رؤية أهل بلد غيرها، وقد اختلفوا في ذلك على مذاهب ذكرها صاحب الفتح. أحدها: أنه يعتبر لأهل كل بلد رؤيتهم ولا يلزمهم رؤية غيرهم، حكاه ابن المنذر عن عكرمة والقاسم بن محمد وسالم وإسحاق، وحكاه الترمذي عن أهل العلم ولم يحك سوا، وحكاه الماوردي وجها للشافعية. وثانيها: أنه لا يلزم أهل بلد رؤية غيرهم إلا أن يثبت ذلك عند الامام الأعظم فيلزم الناس كلهم، لأن البلاد في حقه