الروايتين عن مالك. وعن أحمد وإليه ذهب الهادي والناصر والمؤيد بالله، وهذا إنما يتم دليلا بعد تسلم ان هذه الصدقة صدقة واجبة، وبذلك جزم المازري. ويؤيد ذلك قولها: أيجزئ عنه وتعقبه عياض بأن قوله: ولو من حليكن وكون صدقتها كانت من صناعتها يدلان على التطوع، وبه جزم النووي وتأولوا قولها:
أيجزئ عني أي في الوقاية من النار؟ كأنها خافت أن صدقتها على زوجها لا يحصل لها المقصود، وما أشار إليه من الصناعة احتج به الطحاوي لقول أبي حنيفة: إنها لا تجزئ زكاة المرأة في زوجها، فأخرج من طريق رائطة امرأة ابن مسعود أنها كانت امرأة صنعاء اليدين فكانت تنفق عليه وعلى ولده، فهذا يدل على أنها صدقة تطوع.
(واحتجوا) أيضا على أنها صدقة تطوع بما في البخاري من حديث أبي سعيد:
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها: زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم.
قالوا: لأن الولد لا يعطى من الزكاة الواجبة بالاجماع كما نقله ابن المنذر والمهدي في البحر وغيرهما، وتعقب هذا بأن الذي يمتنع إعطاؤه من الصدقة الواجبة من تلزم المعطي نفقته، والام لا يلزمها نفقة ابنها مع وجود أبيه. قال المصنف رحمه الله تعالى بعد أن ساق الحديث: وهذا عند أكثر أهل العلم في صدقة التطوع انتهى. والظاهر أنه يجوز للزوجة صرف زكاتها إلى زوجها، أما أولا فلعدم المانع من ذلك، ومن قال: إنه لا يجوز فعليه الدليل، وأما ثانيا فلان ترك استفصاله صلى الله عليه وآله وسلم لها ينزل منزلة العموم، فلما لم يستفصلها عن الصدقة هل هي تطوع أو واجب فكأنه قال: يجزي عنك فرضا كان أو تطوعا. (وقد اختلف) في الزوج هل يجوز له أن يدفع زكاته إلى زوجته؟ فقال ابن المنذر:
أجمعوا على أن الرجل لا يعطي زوجته من الزكاة شيئا لأن نفقتها واجبة عليه، ويمكن أن يقال: إن التعليل بالوجوب على الزوج لا يوجب امتناع الصرف إليها لأن نفقتها واجبة عليه غنية كانت أو فقيرة، فالصرف إليها لا يسقط عنه شيئا. وأما الصدقة على الأصول والفصول وبقية القرابة فسيأتي الكلام عليها.
وعن سلمان بن عامر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة رواه أحمد وابن ماجة والترمذي. وعن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أفضل الصدقة الصدقة على ذي الرحم الكاشح رواه أحمد. وله مثله من حديث