لها قد ينال ذلك كله بطاعة الله وطاعة رسوله فيها، وكل ثواب موعود على عمل بر كان في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم فإنه باق غير منقطع. قوله: حتى يقولوا لا إله إلا الله الخ، المراد بهذا أهل الأوثان دون أهل الكتاب لأنهم يقولون:
لا إله إلا الله ويقاتلون ولا يرفع عنهم السيف. قوله: لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة قال النووي: ضبطناه بوجهين: فرق وفرق بتشديد الراء وتخفيفها ومعناه من أطاع في الصلاة وجحد في الزكاة أو منعها. قوله: عناقا بفتح العين بعدها نون وهو الأنثى من أولاد المعز. وفي الرواية الأخرى: عقالا وقد اختلف في تفسيره فذهب جماعة إلى أن المراد بالعقال زكاة عام. قال النووي: وهو معروف في اللغة كذلك، وهذا قول الكسائي والنضر بن شميل وأبي عبيد والمبرد وغيرهم من أهل اللغة، وهو قول جماعة من الفقهاء، قال: والعقال الذي هو الحبل الذي يعقل به البعير، لا يجب دفعه في الزكاة فلا يجوز القتال عليه، فلا يصح حمل الحديث على هذا. وذهب كثير من المحققين إلى أن المراد بالعقال الحبل الذي يعقل به البعير، وهذا القول محكي عن مالك وابن أبي ذئب وغيرهما، وهو اختيار صاحب التحرير وجماعة من حذاق المتأخرين. قال صاحب التحرير: قول من قال: المراد صدقة عام تعسف وذهاب عن طريقة العرب، لأن الكلام خرج مخرج التضييق والتشديد والمبالغة، فيقتضي قلة ما علق به العقال وحقارته، وإذا حمل على صدقة العام لم يحصل هذا المعنى، قال النووي: وهذا الذي اختاره هو الصحيح الذي لا ينبغي غيره، وكذلك أقول أنا، ثم اختلفوا في المراد بقوله: منعوني عقالا فقيل قدر قيمته كما في زكاة الذهب والفضة والمعشرات والمعدن والركاز والفطرة والمواشي في بعض أحوالها، وهو حيث يجوز دفع القيمة. وقيل: زكاة عقال إذا كان من عروض التجارة، وقيل: المراد المبالغة ولا يمكن تصويره ويرده ما تقدم. وقيل: إنه العقال الذي يؤخذ مع الفريضة، لأن على صاحبها تسليمها برباطها. (واعلم) أنها قد وردت أحاديث صحيحة قاضية بأن مانع الزكاة يقاتل حتى يعطيها، ولعلها لم تبلغ الصديق ولا الفاروق، ولو بلغتهما لما خالف عمر، ولا احتج أبو بكر بتلك الحجة التي هي القياس. فمنها ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم إلا بحق