الذي فعلها فيه لما تقدم من اتحاد القصة، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة عند موت ولده إبراهيم، نعم أخرج الدارقطني من حديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي في كسوف الشمس والقمر أربع ركعات وأخرج أيضا عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى في كسوف القمر ثماني ركعات في أربع سجدات. وذكر القمر في الأول مستغرب كما قال الحافظ، والثاني في إسناده نظر لأنه من طريق حبيب عن طاوس ولم يسمع منه.
وقد أخرجه مسلم بدون ذكر القمر، وإنما اقتصر المصنف في التبويب على ذكر القمر لأن التجميع في كسوف الشمس معلوم من فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة المتقدمة وغيرها. وقد ذهب مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء إلى أن صلاة الكسوف والخسوف تسن الجماعة فيها. وقال أبو يوسف ومحمد: بل الجماعة شرط فيهما. وقال الامام يحيى: إنها شرط في الكسوف فقط وقال العراقيون: إن صلاة الكسوف والخسوف فرادى، وحكي في البحر عن أبي حنيفة ومالك أن الانفراد شرط. وحكى النووي في شرح مسلم عن مالك أنه يقول بأن الجماعة تسن في الكسوف والخسوف كما تقدم. وحكي في البحر عن العترة أنه يصح الامر أن (احتج الأولون) بالأحاديث الصحيحة المتقدمة، وليس لمن ذهب إلى أن الانفراد شرط، أو أنه أولى من التجميع دليل، وأما من جوز الامرين فقال: لم يرد ما يقتضي اشتراط التجميع لأن فعله صلى الله عليه وآله وسلم لا يدل على الوجوب فضلا عن الشرطية وهو صحيح، ولكنه لا ينفي أولوية التجميع.
باب الحث على الصدقة والاستغفار والذكر في الكسوف وخروج وقت الصلاة بالتجلي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: لقد أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالعتاقة في كسوف الشمس. وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وتصدقوا