فيتخير المصلي من القرآن ما شاء، ولا بد من القراءة بالفاتحة في كل ركعة لما تقدم من الأدلة الدالة على أنها لا تصح ركعة بدون فاتحة. قال النووي: واتفق العلماء على أنه يقرأ الفاتحة في القيام الأول من كركعة، واختلفوا في القيام الثاني، فمذهبنا ومذهب مالك وجمهور أصحابه أنها لا تصح الصلاة إلا بقراءتها فيه. وقال محمد بن مسلمة من المالكية لا تتعين الفاتحة في القيام الثاني انتهى. وينبغي الاستكثار من الدعاء لورود الامر به في الأحاديث الصحيحة، كما في حديث ابن عباس المتقدم وغيره.
باب الصلاة لخسوف القمر في جماعة مكررة الركوع عن محمود بن لبيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله وأنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموها كذلك فافزعوا إلى المساجد رواه أحمد. وعن الحسن البصر رضي الله عنه قال: خسف القمر وابن عباس أمير على البصرة، فخرج فصلى بنا ركعتين في كل ركعة ركعتين ثم ركب وقال: إنما صليت كما رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي رواه الشافعي في مسنده.
حديث محمود بن لبيد أصله في الصحيحين بدون قوله: فافزعوا إلى المساجد وقد أخرج هذه الزيادة أيضا الحاكم وابن حبان. وحديث ابن عباس أخرجه الشافعي كما ذكر المصنف عن شيخه إبراهيم بن محمد وهو ضعيف ولا يحتج بمثله. وقول الحسن صلى بنا لا يصح، قال الحسن: لم يكن بالبصرة لما كان ابن عباس بها. وقيل: إن هذا من تدليساته، وأن المراد من قوله: صلى بنا أي صلى بأهل البصرة. (والحديثان) يدلان على مشروعية التجميع في خسوف القمر، أما الأول فلقوله فيه: فإذا رأيتموهما كذلك الخ، ولكنه لم يصرح بصلاة الجماعة. وأما الحديث الثاني فلقول ابن عباس بعد أن صلى بهم جماعة في خسوف القمر: إنما صليت كما رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي ولكنه يحتمل أن يكون المشبه بصلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو صفتها من الاقتصار في كل ركعة على ركوعين ونحو ذلك، لا أنها مفعولة في خصوص ذلك الوقت