ما بعد ذلك. وقال غيره: إن المراد لا يؤجر على المصيبة لأنها ليست من صنعه، وإنما يؤجر على حسن تثبته وجميل صبره. وأول الحديث: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر بامرأة تبكي عند قبر فقال: اتقي الله واصبري، فقالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأتت باب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم تجد عنده بوابين فقالت: لم أعرفك يا رسول الله، فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى. قوله: إن في الله عزاء من كل مصيبة الخ، فيه دليل على أنه تستحب التعزية لأهل الميت بتعزية الخضر عليه السلام، وأصل العزاء في اللغة الصبر الحسن، والتعزية التصبر، وعزاه صبره، فكل ما يجلب للمصاب صبرا يقال له تعزية بأي لفظ كان، ويحصل به للمعزي الاجر المذكور في الأحاديث السابقة، وأحسن ما يعزى به ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أسامة بن زيد قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه وتخبره أن صبيا لها أو ابنا لها في الموت، فقال للرسول: ارجع إليها وأخبرها أن لله ما أخذ ولله ما أعطى، وكل شئ عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب الحديث وسيأتي.
وهذا لا يختص بالصغير باعتبار السبب، لأن كل شخص يصلح أن يقال له وفيه ذلك، ولو سلم أن أول الحديث يختص بمن مات له صغير كان الامر بالصبر والاحتساب المذكور آخر الحديث غير مختص به. قوله: اللهم أجرني قال القاضي: يقال أجرني بالقصر والمد حكاهما صاحب الأفعال. قال الأصمعي وأكثر أهل اللغة قالوا: هو مقصور لا يمد، ومعنى أجره الله أعطاه أجره، وجزاء صبره، وهمه في مصيبته.
قوله: وأخلف لي قال النووي: هو بقطع الهمزة وكسر اللام. قال أهل اللغة:
يقال لمن ذهب له مال أو ولد أو قريب أو شئ يتوقع حصول مثله: أخلف الله عليك أي رد عليك مثله، فإن ذهب ما لا يتوقع مثله بأن ذهب والد أو عم قيل له:
خلف الله عليك بغير ألف أي كان الله خليفة منه عليك. قوله: إلا أجره الله قال