قال في الفتح: وهو ضعيف. وأقوى الأقوال وأولاها بالصواب الأول لما تقدم من حديث أبي هريرة وقد أخرجه الحاكم أيضا، ولما أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد حسن عن علي عليه السلام قال: من كان منكم متطوعا من الشهر فليصم يوم الخميس ولا يصم يوم الجمعة فإنه يوم طعام وشراب وذكر.
وعن عبد الله بن بسر عن أخته واسمها الصماء: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا عود عنب أو لحاء شجرة فليمضغه رواه الخمسة إلا النسائي. وعن ابن مسعود:
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قلما كان يفطر يوم الجمعة رواه الخمسة إلا أبا داود، ويحمل هذا على أنه كان يصومه مع غيره. الحديث الأول أخرجه أيضا ابن حبان والحاكم والطبراني والبيهقي وصححه ابن السكن. قال أبو داود في السنن قال مالك: هذا الحديث كذب، وقد أعل بالاضطراب كما قال النسائي لأنه روي كما ذكر المصنف. وروي عن عبد الله بن بسر وليس فيه عن أخته كما وقع لابن حبان، قال الحافظ: وهذه ليست بعلة قادحة فإنه أيضا صحابي، وقيل عنه عن أبيه بسر.
وقيل عنه عن أخته الصماء عن عائشة. قال الحافظ: ويحتمل أن يكون عند عبد الله عن أبيه وعن أخته، وعند أخته بواسطة، قال: ولكن هذا لتلون في الحديث الواحد بالاسناد الواحد مع اتحاد المخرج يوهن الرواية وينبئ عقلة ضبطه، إلا أن يكون من الحفاظ المكثرين المعروفين بجمع طرق الحديث، فلا يكون ذلك دالا على قلة ضبطه، وليس الامر هنا كذا، بل اختلف فيه أيضا على الراوي عبد الله بن بسر.
وقد ادعى أبو داود أن هذا الحديث منسوخ، قال في التلخيص: ولا يتبين وجه النسخ فيه، ثم قال: يمكن أن يكون أخذه من كون النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يحب موافقة أهل الكتاب في أول الأمر ثم في آخر الامر، قال: خالفوهم والنهي عن يوم السبت يوافق الحالة الأولى، وصيامه إياه يوافق الحالة الثانية، وهذه صورة النسخ والله أعلم انتهى. وقد أخرج النسائي والبيهقي وابن حبان والحاكم عن كريب: أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعثوه إلى أم سلمة يسألها عن الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر لها صياما فقالت: يوم السبت والأحد فرجعت إليهم، فكأنهم أنكروا ذلك فقاموا بأجمعهم إليها فسألوها فقالت: صدق، وكان يقول: إنهما يوما عيد للمشركين فأنا أريد أن أخالفهم وصحح الحاكم إسناده،