باب التحفظ من الغيبة واللغو وما يقول إذا شتم عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ويصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه متفق عليه.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه رواه الجماعة إلا مسلما والنسائي.
قوله: فلا يرفث بضم الفاء وكسرها ويجوز في ماضيه التثليث، والمراد به هنا الكلام الفاحش وهو بهذا المعنى بفتح الراء والفاء، وقد يطلق على الجماع وعلى مقدماته، وعلى ذكر ذلك مع النساء أو مطلقا. قال في الفتح: ويحتمل أن يكون النهي لما هو أعم منها. وفي رواية: ولا يجهل أي لا يفعل شيئا من أفعال الجهل كالصياح والسفه ونحو ذلك. قوله: ولا يصخب الصخب هو الرجة واضطراب الأصوات للخصام.
قال القرطبي: لا يفهم من هذا أن غير يوم الصوم يباح فيه ما ذكر، وإنما المراد أن المنع من ذلك يتأكد بالصوم. قوله: أو قاتله يمكن حمله على ظاهره، ويمكن أن يراد بالقتل اللعن فيرجع إلى معنى الشتم، ولا يمكن حمل قاتله وشاتمه على المفاعلة، لان الصائم مأمور بأن يكف نفسه عن ذلك فكيف يقع ذلك؟ وإنما المعنى إذا جاء متعرضا لمقاتلته أو مشاتمته كأن يبدأه بقتل أو شتم اقتضت العادة أن يكافئه عليها، فالمراد بالمفاعلة إرادة غير الصائم ذلك من الصائم، وقد تطلق المفاعلة على وقوع الفعل من واحد، كما يقال: عالج الامر وعاناه. قال في الفتح: وأبعد من حمله على ظاهره فقال:
المراد إذا بدرت من الصائم مقابلة الشتم بشتم على مقتضى الطبع فلينزجر عن ذلك، ومما يبعد ذلك ما وقع في رواية فإن شتمة أحد. قوله: إني امرؤ صائم في رواية لابن خزيمة بزيادة: وإن كنت قائما فاجلس ومن الرواة من ذكر قوله:
إني امرؤ صائم مرتين. واختلف في المراد بقوله: إني صائم هل يخاطب بها الذي