وعن عائشة: أن سعد بن معاذ لما مات حضره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر وعمر قالت: فوالذي نفسي بيده إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وأنا في حجرتي رواه أحمد. وعن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما قدم من أحد سمع نساء من عبد الأشهل يبكين على هلكاهن فقال: لكن حمزة لا بواكي له، فجئن نساء الأنصار فبكين على حمزة عنده، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ويحهن أيتن ههنا يبكين حتى الآن، مروهن فليرجعن ولا يبكين على هالك بعد اليوم رواه أحمد وابن ماجة. وعن جابر بن عتيك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب فصاح به فلم يجبه فاسترجع وقال: غلبنا عليك يا أبا الربيع، فصاح النسوة وبكين، فجعل ابن عتيك يسكتهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: دعهن فإذا وجب فلا تبكين باكية، قالوا: وما الوجوب يا رسول الله؟ قال: الموت رواه أبو داود والنسائي.
حديث عائشة وابن عمر أشار إليهما الحافظ في التلخيص وسكت عنهما، ورجال إسناد حديث ابن عمر ثقات إلا أسامة بن زيد الليثي ففيه مقال. وقد أخرج له مسلم.
وحديث جابر بن عتيك أخرجه أيضا أحمد وابن حبان والحاكم. قوله: وأبو بكر وعمر الخ، محل الحجة من هذا الحديث تقرير النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهما على البكاء وعدم إنكاره عليهما، مع أنه قد حصل منهما زيادة على مجرد دمع العين، ولهذا فرقت عائشة وهي في حجرتها بين بكاء أبي بكر وعمر، ولعل الواقع منهما مما لا يمكن دفعه ولا يقدر على كتمه ولم يبلغ إلى الحد المنهي عنه. قوله: ولكن حمزة لا بواكي له هذه المقالة منه صلى الله عليه وآله وسلم مع عدم إنكاره للبكاء الواقع من نساء عبد الأشهل على هلكاهن تدل على جواز مجرد البكاء. وقوله: ولا يبكين على هالك بعد اليوم ظاهره المنع من مطلق البكاء، وكذلك قوله في حديث جابر بن عتيك: فإذا وجب فلا تبكين باكية وذلك يعارض ما في الأحاديث المذكورة في الباب من الاذن بمطلق البكاء بعد الموت، ويعارض أيضا سائر الأحاديث الواردة في الاذن بمطلق البكاء مما لم يذكره المصنف، كحديث عائشة في قصة عثمان بن مظعون عند أبي داود والترمذي. وحديث أبي هريرة عند النسائي وابن ماجة