الحديث سكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده ثقات. وفيه دليل على أنه لا يحل للعامل زيادة على ما فرض له من استعمله، وأن ما أخذه بعد ذلك فهو من الغلول، وذلك بناء على أنها إجارة ولكنها فاسدة يلزم فيها أجرة المثل، ولهذا ذهب البعض إلى أن الأجرة المفروضة من المستعمل للعامل تؤخذ على حسب العمل، فلا يأخذ زيادة على ما يستحقه، وقيل: يأخذ ويكون من باب الصرف. (وفي الحديث) أيضا دليل على أنه يجوز للعامل أن يأخذ حقه من تحت يده، ولهذا قال المصنف رحمه الله تعالى: وفيه تنبيه على جواز أن يأخذ العامل حقه من تحت يده فيقبض من نفسه لنفسه انتهى.
باب المؤلفة قلوبهم عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يسأل شيئا على الاسلام إلا أعطاه، قال: فأتاه رجل فسأله فأمر له بشاء كثير بين جبلين من شاء الصدقة، قال: فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة رواه أحمد بإسناد صحيح. وعن عمرو بن تغلب أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى بمال أو سبي فقسمه فأعطى رجالا وترك رجالا، فبلغه أن الذين ترك عتبوا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فوالله إني لأعطي الرجل وأدع الرجل، والذي أدع أحب إلي من الذي أعطي، ولكني أعطي أقواما لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع، وأكل أقواما إلى ما جعل في قلوبهم من الغنى والخير منهم عمرو بن تغلب فوالله ما أحب أن لي بكلمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حمر النعم رواه أحمد والبخاري.
الحديثان يدلان على جواز التأليف لمن لم يرسخ إيمانه من سأل الله عز وجل، وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة منها إعطاؤه صلى الله عليه وآله وسلم أبا سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، وعيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، وعباس بن مرداس، كل إنسان منهم مائة من الإبل. وروي أيضا أنه أعطى علقمة بن علاثة مائة، ثم قال للأنصار لما عتبوا عليه: ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاء والإبل، وتذهبون