السعاة. ولان سائر ما يأخذه الامام من الكفارات والديون وغيرها لا يجب عليه فيه الدعاء فكذلك الزكاة، وأما الآية فيحتمل أن يكون الوجوب خاصا به لكون صلاته صلى الله عليه وآله وسلم سكن لهم بخلاف غيره.
باب من دفع صدقته إلى من ظنه من أهلها فبان غنيا عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: قال رجل: لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق فأصبحوا يتحدثون تصدق على سارق فقال: اللهم لك الحمد على سارق لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على زانية فقال: اللهم لك الحمد على زانية فقال: لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني فأصبحوا يتحدثون تصدق على غني فقال: اللهم لك الحمد على زانية وعلى سارق وعلى غني، فأتي فقيل له: أما صدقتك فقد قبلت، أما الزانية فلعلها تستعف به من زناها، ولعل السارق أن يستعف به عن سرقته، ولعل الغني أن يعتبر فينفق مما آتاه الله عز وجل متفق عليه.
قوله: قال رجل وقع عند أحمد من طريق ابن لهيعة عن الأعرج في هذا الحديث أنه كان من بني إسرائيل. قوله: لأتصدقن زاد في رواية متفق عليها الليلة، وهذا اللفظ من باب الالتزام كالنذر مثلا، والقسم فيه مقدر كأنه قال:
والله لأتصدقن. قوله: في يد سارق أي وهو لا يعلم أنه سارق، وكذلك على الزانية، وكذلك على غني. قوله: تصدق بضم أوله على البنا للمجهول. قوله: لك الحمد أي لا لي، لان صدقتي وقعت في يد من لا يستحقها، فلك الحمد حيث كان ذلك بإرادتك لا بإرادتي، قال الطيبي:
لما عزم أن يتصدق على مستحق فوضعها بيد سارق حمد الله على أنه لم يقدر له أن يتصدق على من هو أسوأ حالا، أو أجرى الحمد مجرى التسبيح في استعماله عند مشاهدة ما يتعجب منه تعظيما للتعالي، فلما تعجبوا من فعله تعجب هو أيضا فقال: اللهم لك الحمد على سارق أي تصدقت عليه، فهو متعلق بمحذوف. قال الحافظ: ولا يخفى بعد هذا الوجه. وأما الذي قبله فأبعد منه، والذي يظهر الأول، وأنه سلم وفوض ورضي بقضاء الله، فحمد الله سبحانه على تلك الحال، لأنه المحمود على جميع الأحوال، لا يحمد على المكروه سواه. وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا رأى ما لا يعجبه قال: الحمد لله على كل حال. قوله: فأتي