يقول المصلي اللهم اجعله لنا سلفا وفرطا وأجرا روى ذلك البيهقي من حديث أبي هريرة، وروى مثله سفيان في جامعه عن الحسن.
وعن عوف بن مالك قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى على جنازة يقول: اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وعافه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بماء وثلج وبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وقه فتنة القبر، وعذاب النار، قال عوف: تمنيت أن لو كنت أنا الميت لدعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لذلك الميت رواه مسلم والنسائي. وعن واثلة بن الأسقع قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على رجل من المسلمين فسمعته يقول: اللهم إن فلان ابن فلان في ذمتك وحبل جوارك، فقه فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحمد، اللهم فاغفر له وارحمه إنك الغفور الرحيم رواه أبو داود.
الحديث الأول أخرجه أيضا الترمذي مختصرا، والحديث الثاني أخرجه أيضا ابن ماجة وسكت عنه أبو داود والمنذري، وفي إسناده مروان بن جناح وفيه مقال.
قوله: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكذلك قوله: فسمعته وفي رواية لمسلم من حديث عوف: فحفظت من دعائه جميع ذلك يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جهر بالدعاء، وهو خلاف ما صرح به جماعة من استحباب الاسرار بالدعاء، وقد قيل: إن جهره صلى الله عليه وآله وسلم بالدعاء لقصد تعليمهم. وأخرج أحمد عن جابر قال: ما أباح لنا في دعاء الجنازة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا أبو بكر ولا عمر وفسر أباح بمعنى قدر. قال الحافظ: والذي وقفت عليه باح بمعنى جهر، والظاهر أن الجهر والاسرار بالدعاء جائزان. قوله: واغسله بماء وثلج الخ، هذه الألفاظ قد تقدم شرحها في الصلاة. (واعلم) أنه لم يرد تعيين موضع هذه الأدعية، فإن شاء المصلي جاء بما يختار منها دفعة، إما بعد فراغه من التكبير، أو بعد التكبيرة الأولى أو الثانية أو الثالثة، أو يفرقه بين كل تكبيرتين، أو يدعو بين كل تكبيرتين بواحد من هذه الأدعية، ليكون مؤديا لجميع ما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم. وأما حديث عبد الله بن أبي أوفى الآتي فليس فيه أنه لم يدع إلا بعد التكبيرة الرابعة، إنما فيه أنه دعا بعدها، وذلك لا يدل على أن الدعاء مختص بذلك